للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وذلك أن الصيد لم يسرحه من أخذه تطوعا، وإنما غلب عليه ففر بنفسه، والموات قد تركه، حتى دثرت اختيارًا، ونحن لا نختلف أنه لو سرح الصيد بنفسه، لكان لمن أخذه ولو غلب [على] (١) الموات وحيل بينه وبينها بغصب، حتى دثرت. لم يسقط ملكه عنها، ولم يكن لمن أحياها بعده.

وعلى القول بأنه يكون للآخر بعد أن توحش، فإن اختلف صاحبه مع الصائد، فقال صاحبه: نَدَّ مني منذ يومين، وقال الصائد: لا أدري متى نَدّ منك [القول قول من؟] (٢)، فالمذهب على قولين قائمين من "المدونة":

أحدهما: أن القول قول الصائد، وهو قول ابن القاسم في "المدونة".

والثاني: أن القول قول صاحبه الذي نَدَّ منه، وهو قول سحنون، وهو ظاهر المدونة في غير ما موضع، وذلك أن الأصول موضوعة على أن البينة على من ادعى واليمين على من أنكر، كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم -، فكيف يسوغ في الشرع أن ينقطع ملك الأول بلا بينة ولا شبهة بينة، لأن الصائد لم يدع شيئًا، ولو ادعى ما قبلت منه الدعوى إلا بقرينة التصديق، وكيف يزول ملك الأول بالشك، وهذا غير معهود في الشريعة؟، وهذا ممَّا يُستجار الله فيه. والحمد لله وحده.


(١) سقط من أ.
(٢) سقط من أ.

<<  <  ج: ص:  >  >>