للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

منها النقدان، والكلام عليها هاهنا، وبقيتها يأتي الكلام عليه في "كتاب السلم" إن شاء الله تعالى واختلافهم على أربعة مذاهب: فمنهم من علل بالربوية وعداها إلى سائر الموزونات، وهو مذهب أبي حنيفة.

ومنهم من علل بالمالية فعداها إلى سائر الأموال، وهو قول عبد الملك.

ومنهم من علل بالتنمية وعداها إلى سائر الأثمان، وهو مذهب مالك.

ومنهم من احترز بزيادة الجوهرية على التنمية، وهو الصحيح مذهبًا ونظرًا، وهو مذهب الشافعي - رضي الله عنهم أجمعين - لأن هذا التعليل ينتظم مطبوع هذا النوع ومصنوعه ومتبوره.

وتعليل [مالك] (١) يتناول إلا المطبوع دون المصنوع غالبًا مع تساويهما في الحكم في تحريم الربا، وهذا يهدم فصل التأثير في العلة؛ وهو وجود الحكم بوجود العلة في موضع؛ وهو أصل كبير من أصول الفقه، وقد اختلف الحذاق من أرباب المذهب في التعليل بهذه العلة، فمنهم من أحاله قائلًا بأن العلة المستثارة إنما تعرف بإثارة المعنى المناسب المخيل، ولا إحالة بين العلة والحكم هاهنا -لا كليًا ولا جزئيًا- فلم يبق إلا الجمود على التعبد حتى إذا لاح المعنى صرنا إليه.

فمن جوز التعليل به يقول: لا أسلم إحلال شرط في العلة؛ لأن التعليل بجوهرية الأثمان التي هي المقصودة في أقطار الديار وأقاصي البلاد والأمصار مع الرغبة فيها وتنافس التجار فيها؛ لخفتها في الحمل ونفاذها في النقد عند الكل، وذلك الشرف يمنع من الصرف، وهو عين المناسبة والإحالة في التعليل بجوهرية الأثمان. وعلى قضية هذا الاختلاف اختلف قول مالك في جريان الربا في الفلوس، وهذه هي العلة القاصرة عند


(١) في أ: ما.

<<  <  ج: ص:  >  >>