للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا كله مع الشبه؛ إذ لا خلاف أن الشبه يراعى مع الفوات، فمن ادعى ما يشبه: قُبل قوله، وإنما الخلاف في مراعاة الأشباه مع قيام السلع هل تراعى أم لا على قولين قائمين من "المدونة":

أحدهما: أن الأشباه لا تراعى مع القيام كاختلافهما في الجنس، وهو ظاهر "المدونة"؛ لعموم قوله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا اختلف المتبايعان والسلعة قائمة فإنهما يتحالفان ويترادان" (١).

والثاني: أنها تراعي، وهو ظاهر قوله في "المدونة" في "كتاب السلم الثاني" إذا اختلفا في صحة السلم وفساده؛ حيث قال: "القول قول مدعي الصحة"، وما ذلك إلا لكونه قد ادعى ما يشبه، وهو قول عبد الملك في "الواضحة".

فأما الوجه الثاني: إذا اختلفا في نوعه؛ مثل أن يقول البائع: بعت بطعام، ويقول المشتري: بل بدنانير، أو بالعكس: فالحكم التحالف والتفاسخ أبدًا، ويترادان المبيع إن وجد، أو القيمة إن فقد.

فإن فاتت بحوالة الأسواق فأعلى: فعلى المشتري قيمتها، قال في "المدونة" "يوم القبض".

واعتذر المتأخرون عن ذلك بما لا يخفى على من طالع كتبهم.

وأما الوجه الثالث: إذا اختلفا في قبض الثمن: فلا يخلو من أن يكون في صورة السلم، أو في صورة بيع النقد فإن كان في صورة السلم: فهو كاختلافهما في صحة البيع وفساده، وقد تقدم الكلام عليه في أول المسألة.

فإن كان في صورة بيع النقد: فلا يخلو المبيع من أن يكون مما جرت


(١) أخرجه مالك (٧٨٥) وعبد الرزاق (١٥١٨٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>