للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبعد الفوات يكون القول قول الذي عليه الدين؛ لأنه مطلوب إن أشبه ما قال.

فإن لم يشبه ما قال: كان القول قول صاحبه إن أشبه ما قال.

وإن لم يشبه ما قالا: هل يردان إلى الوسط في الأجل ويترادان البيع؟

فالمذهب يتخرج على قولين:

أحدهما: أنهما يترادان البيع، ويفسخ بينهما، وهو ظاهر "المدونة" في اختلافهما في القضاء إذا ادعى كل واحد منهما ما لا يشبه لتقارب ما بين الموضعين؛ حيث قال: أنهما يتحالفان ويتفاسخان.

والثاني: أنهما يردان إلى الوسط في الأجل كما قال ابن القاسم: إذا اختلفا في قلة المثمون وكثرته وقد فات رأس المال، وأتى كل واحد منهما بما لا يشبه أنهما يردان إلى الوسط السلم، وهو تأويل بعض المتأخرين.

وهذا تحصيل المسألة وتلخيصها، وحيد بوصولها تحصيلًا وتلخيصًا لم أسبق منها ولا زاحمتني أقلام المحصلين عليها.

ونحن الآن نتكلم على الأدلة فنقول: سبب الخلاف الواقع في المسألة: اختلاف الأخبار، وطرق المقاييس؛ فمنها ما روي عن ابن مسعود عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "إذا اختلف المتبايعان والمبيع مستهلك فالقول قول البائع" (١) والحديث في الدارقطني، وهو نص في محل النزاع.

وفي الموطأ والترمذي أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "إذا اختلفا المتبايعان وليس بينهما بينة فهو ما يقول رب السلعة، أو يترادان" (٢).


(١) السنن (٣/ ٢١).
(٢) تقدم.

<<  <  ج: ص:  >  >>