للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اليابسات، وهل يستعمل في المائعات أم لا؟

قولان:

أحدهما: أنه يستعمل في كل مائع، وهو المشهور في النظر.

والثاني: أنه لا يستعمل إلا في الماء خاصة، وهذا ضعيف؛ فإذا جاز استعماله في الماء فبأن يجوز فيما عداه من سائر المائعات أولى؛ لأن الماء لطيف الجوهرية، يغوص ويداخل الأوعية، ويمازج رطوبة الطروف بخلاف سائر المائعات فإنها غليظة الجوهرية، ثخينة الجسمية، لا تنفذ منافذ الماء، فلو عكس الجواب لكان أولى.

وغاية ما عللوا به في الماء أن قالوا: إن الماء يدفع عن نفسه دون سائر المائعات، وهذا الذي قالوه إنما يصح إذا كان الماء كثيرًا بحيث يغلب ولا يغلب عليه في نفسه دون اعتبار جنسه.

وسبب الخلاف: تعارض الأخبار؛ فمن ذلك قوله - صلى الله عليه وسلم -: "أيما إهاب دبغ فقد طهر" (١).

وقال - صلى الله عليه وسلم -: "ذكاة الأديم دباغه" (٢).

وحديث سودة: "ماتت شاة لنا فدبغنا مسكها، ثم ما زلنا ننتبذ فيه حتى صار شنًا" (٣)، وهذا أخرجه البخاري.

ويعارضه آخر؛ وهو قوله - صلى الله عليه وسلم -: "لا تنتفعوا من الميتة بإهاب ولا


(١) أخرجه البخاري (١٧٢٨) والنسائي (٤٢٤١) وابن ماجه (٣٦٠٩) من حديث ابن عباس، وصححه الشيخ الألباني رحمه الله.
(٢) أخرجه أحمد (١٥٩٤٩) وابن حبان (٤٥٢٢) وهو صحيح.
(٣) أخرجه البخاري (٦٣٠٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>