للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في "الكتاب".

ووجه قول ابن القاسم: أن المكري لم يتحقق تعديه إلا وقت التلف لجواز السلامة، وإنما يتحقق وصفه بالتعدي؛ لأن وقع الأمر المحذور، ويوجب ضمانه حينئذ لا قبله.

ووجه قول غيره: أن الكري غار، ووبال الغرور على الغار؛ لأن المعرض كالمصرح في بعض المحال، وهذا الغار قد عرضه للتلف حين حمله على النعت المذكور، فصار كالتلف حينئذ، وإن شاء ضمنه وقت التلف لكمال العدوان ساعتئذ قطعًا؛ لأنه من يوم العقد والرفع صار متعديًا، والعداء مصطحب عليه إلى أن يتحقق التلف، فيكون مخيرًا عليه، بخلاف الغاصب؛ لأن ضمانه تفويت يد، وتفويت يد كتفويت عين؛ فلم يتخير في الغاصب لكمال العدوان بوضع اليد المبطلة بإزاء اليد المحقة.

وقد ذهب بعض المتأخرين إلى التعليق والتأليف بين قول ابن القاسم والغير؛ وهو أن قول ابن القاسم لم ينف التخيير الذي صار إليه الغير، وإنما قال قيمته في موضع التلف؛ لأنه ذكر في صدر المسألة أن قيمته بالعريش أضعاف قيمته بالفسطاط، والإنسان عادة وعرفًا يختار الأكثر، وعليه خرج جوابه.

وهذا تأويل ينتج منه تلفيق الأقوال.

ومسألة "الكتاب" صورها في الزيت والطعام إذا جهلت مكيلته ووزنه: فحكمه حكم العروض في القيمة، وأما الطعام: فإن الحمال يضمن مثله في البلد الذي اشترط الوصول، ويكون له جميع الكراء.

وإنما كان ذلك كذلك؛ لأنَّا لو لم نقل به لأدى ذلك إلى خرم أحد الأصلين من المتماثلين؛ إما ألا يضمن أصلًا ورأسًا مع تحقق العدوان،

<<  <  ج: ص:  >  >>