للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والثاني: أن استرجاعه لا يعد منه رجوعًا مع وجود ذكر الوصية عنده، وهو تأويل ابن أبي زيد على "المدونة"، وقال: معنى ما في "الكتاب" أنها تبطل إذا استرجعها إنما هو في المقيدة لا في المطلقة.

وتردد الشيخ أبو عمران في التأويل، ولم يرجح أحد الجانبين على الآخر، وقال: لفظ "الكتاب" محتمل لمعنيين، وفيه إشكال.

وهجم على المسألة أبو الوليد بن رشد، فأطرد وما تردد، وقال في هذا الوجه لا خلاف في البطلان؛ وذلك سَدٌ لباب التأويل والجمود على [اتباع الظواهر] (١)، وليس ذلك من ديدنه.

وأما الوجه الثاني من أصل التقسيم: إذا كانت الوصية مقيدة بسفر بعينه أو مرض بعينه، أو حصول غرض يرجوه بعينه؛ إما غرض دنيوي إن شفاه الله من مرضه، أو قدم غائبه، وإما غرض أخروي كقوله: إن فتح الله عليّ بحجة في هذا العام أو غيره، أو غزوة فعبدي فلان حر أو عليّ عتق رقبة، أو صدقة، كذا فلا يخلو من وجهين:

إما أن يكون ذلك لفظًا بغير كتاب.

والثاني: أن يكون لفظًا وكتابًا.

فإن كان لفظًا بغير كتاب، ومات من ذلك المرض، أو ذلك السفر أو حصل [له] (٢) الغرض المطلوب، فلا خلاف في نفوذ الوصية.

فإن مات من سفر ثان، أو من مرض آخر، هل تنفذ الوصية أو تبطل؟ قولان:

ابن القاسم أبطلها في المدونة، وأشهب أنفذها في غير المدونة.


(١) في ب: إثبات الظاهر.
(٢) سقط من أ.

<<  <  ج: ص:  >  >>