للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المغرَّب من الوحشة لمفارقة الوطن ومباعدته عن الأهل، والقرابة؛ فيكون ذلك عقوبة [عليه] (١)، والعبد لا قرار له، ولا وطن، ولا عنده عشيرة تدركه الوحشة بمفارقتها، وهو كل زمان يتحول من يد إلى يد، وينتقل من عمرو إلى زيد بالبيع وغيره [ومن هذا] (٢) عادته، فأيّ غربة تلحقه.

وأما النساء إنما لم يغربن لمعنيين اثنين:

أحدهما: الأثر.

والآخر: النظر.

فأمَّا الأثر فقوله - صلى الله عليه وسلم -: "لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر مسيرة يوم وليلة إلا مع ذي محرم منها" (٣).

وأما النظر: فإن تغريبها إشلاء لها على ما حُدت لأجله من ارتكاب الفواحش، والإعلان بالزنا؛ لأنها إذا كانت بين أهلها ربما تنزجر وترتدع مخافة العار، وتكرار الحد عليها مرة أخرى، وإذا كانت غائبة عن وطنها، فربما يكون ذلك معينًا على التناهي في الفجور.

وأمَّا الرجم [فهو] (٤) حد من كمل إحصانه، وتوفرت أوصافه إذا كان مسلمًا حرًا بالغًا عاقلًا محصنًا بنكاح صحت عقدته، وصح الوطء فيه، فإذا تكاملت فيه هذه الأوصاف وزنا بآدمية، توطأ مثلها، لا شبهة له في ملكها، حية، ليست بحربية في بلد الحرب، طائعًا غير مكره، عالمًا بحرام ذلك: فإنه يرجم قولًا واحدًا، ويجلد إن كان بالغًا عاقلًا غير محصن قولًا واحدًا.


(١) سقط من أ.
(٢) سقط من أ.
(٣) أخرجه البخاري (١٠٣٦)، ومسلم (٨٢٧).
(٤) سقط من أ.

<<  <  ج: ص:  >  >>