للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يكون إلا من وطء.

فإذا لم يثبت نكاحها أو استكراهها، فإنه من الزنا، وإن كان يجوز أن تؤتى وهي نائمة فتستمر حاملًا، إلا أنه يسلم الأمر فيها على الغالب.

وأمَّا وجوب حد الزنا بالبينة فلا خلاف بين أحد من أهل العلم أن الحد لا يقام بأقل من أربعة شهداء رجال عدول على معاينة الفعل كالمرود في المكحلة؛ والدليل على ذلك قوله تعالى: {وَاللَّاتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِنْ نِسَائِكُمْ فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ} (١)، وقوله سبحانه: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ} (٢) الآية.

واختلف في تخصيص الشهادة بالزنا بأربعة شهداء من سائر الأشياء على ثلاثة أقوال:

أحدها: أن القاذف لا ضرورة به إلى القذف، فغلظ عليه في ذلك بزيادة عدد الشهود ليتعذر عليه غالبًا فيحد؛ فيكون ذلك ردعًا له عن معاودة القذف ودفعًا للمضرة عن [المقذوف] (٣).

والثاني: أن الإنسان مأمور بالستر على نفسه، وعلى غيره فلما لم يكن على الشهود بالزنا القيام بشهادتهم، فقاموا بها من غير أن يجب عليهم، وتركوا ما أمر به من الستر غلظ عليهم في ذلك سترًا من الله على عباده، وهذا أحسن ما قيل في هذا.

والثالث: أنه إنما احتيج في الزنا إلى أربعة شهداء؛ لأنه بمنزلة فعلين؛ لأن الزنا منه ومنها؛ منه الفعل، ومنها التمكين؛ فاحتاج كل فعل إلى شاهدين.


(١) سورة النساء الآية (١٥).
(٢) سورة النور الآية (٤).
(٣) في أ: القذف.

<<  <  ج: ص:  >  >>