للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جنى عليهم عمدًا، فلا خلاف في المذهب أنه لا يقتص [لهم] (١) منه -كانت الجناية في النفس أو فيما دون النفس- إذ لا يقتل مسلم بكافر إلا أن يقتله قتل غيلة فيقتل به على معنى الحِرَابَة لا على معنى القصاص المحض، خلافًا لأبي حنيفة في قوله: إن الحر المسلم يقتل بالمعاهد، ويقتل بالعبد أيضًا، وتعلق بظاهر قوله تعالى: {وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بالنَّفْسِ} (٢)، وبقوله تعالى: {وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُومًا} الآية (٣)، فقالوا: هذا عام في كل نفس محرمة القتل، وتأول قوله - صلى الله عليه وسلم -: "لا يقتل مسلم بكافر" (٤) على أنه الكافر الحربي، وذلك كله استدلال ضعيف، والصحيح ما ذهب إليه مالك رحمه الله من وجهين اثنين:

أحدهما: الأثر.

والثاني: النظر.

فأمَّا الأثر: فقوله - صلى الله عليه وسلم -: "لا يقتل المسلم بالكافر" (٥)، ولقوله - صلى الله عليه وسلم -: "المسلمون تتكافأ دماؤهم، ويسعى بذمتهم أدناهم، وهم يدٌ على من سواهم" (٦).

وأما النظر: فلكون القصاص مبني على تكافؤ الدماء وتساويها في الحرمة، ولا شك أن دم الكافر غير مكافئ لدم المسلم أصلًا.

فإذا ثبت [ذلك] (٧) فلا يقتل المسلم بالذمي إذا قتله عمدًا، فإنه تكون


(١) في أ: له.
(٢) سورة المائدة الآية (٤٥).
(٣) سورة الإسراء الآية (٣٣).
(٤) أخرجه البخاري (١١١).
(٥) تقدم.
(٦) أخرجه أبو داود (٢٧٥١)، والنسائي (٤٧٣٤)، وصححه الشيخ الألباني.
(٧) سقط من ب.

<<  <  ج: ص:  >  >>