للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أحدهما: أنه مقدر، وأنه يؤخذ عن كل رجل من مائة درهم من عطائه درهم ونصف، وهو قول ابن القاسم عن مالك في "المدونة" و"الموازية".

والثاني: أنه لا حد لما يؤخذ من كل رجل منهم، وإنما ذلك على قدر اليسر والعسر، وليس المكثر كالمقل، ومنهم من لا يؤخذ منه شيء لإقلاله، وهو قول مالك في "المجموعة" و"المدونة"، وهو الصحيح؛ لأن الدية إنما توظف عليهم على وجه الرفق والمواساة، فيكون ذلك على قدر المالية باجتهاد الحاكم؛ ولهذا قال: يضم في العاقلة الأقرب فالأقرب حتى يحملوها برفق.

فافهم هذا التحصيل فإنه تلخيص بديع لم يسبق إليه على هذا الوضع.

[فرع]

ومن قتل رجلًا عمدًا يظنه ممن لو قتله لم يكن فيه قصاص قال ابن الموَّاز: لا قصاص عليه، وقد مضى مثل ذلك في مسلم قتله المسلمون في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - يظنونه من المشركين، فوداه النبي - صلى الله عليه وسلم -، ولم يقد منه.

قال مالك -رحمه الله- في قوله تعالى: {فَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ} (١)، ولم يذكر دية، فهو من أسلم ولم يهاجر من مكة، فلا دية له؛ لقوله تعالى: {مَا لَكُمْ مِنْ وَلَايَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ حَتَّى يُهَاجِرُوا} (٢)، وأما قوله تعالى: {وَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ} (٣)، فهذا من [هدنة] (٤) النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه من أصيب منهم ممن أسلم، ولم يهاجر


(١) سورة النساء الآية (٩٢).
(٢) سورة الأنفال الآية (٧٢).
(٣) سورة النساء الآية (٩٢).
(٤) في أ: هدية.

<<  <  ج: ص:  >  >>