للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَبَدًا} (١).

فنهى الله تعالى رسوله - صلى الله عليه وسلم - عن الصلاة على الكفار إذا ماتوا لعلة الكفر.

ومفهومه أنه أمر بالصلاة على المؤمنين.

وبعضهم يقول: وإن كنا نقول بدليل الخطاب فلا يفهم من هذه الآية؛ لأن النهي عن الشيء أمر بأخذ أضداده، فإذا كان له ضد واحد، فقد أمر به من طريق المفهوم، وإذا كانت له أضداد فلا يفهم منه الوجوب دون الندب والإباحة؛ لأن النهى عن الصلاة على المشركين إن قلنا إنه أمر بالصلاة على المؤمنين أمر على معنى الإباحة أو الندب أو الوجوب؛ لأن هذه كله أضداد لنهيه عن الصلاة على المشركين، فحمل الآية على أحد المحملين دون غيره مما سواه، والاحتمال يحكم بغير برهان، إلا أنه لم تختلف الأمة أن الناس مأمورون [ق/ ٤٤ جـ] بالصلاة على موتاهم وأنهم لم يسعهم ترك ذلك [لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "صلوا على موتاكم" وقوله: "صلوا على من قال: لا إله إلا الله" وهذا يؤيد مفهوم الآية أنها على الندب لا على الوجوب] (٢) ويرجع ذلك إلى أن الصلاة على الجنازة سنة، وإن كان الذي اختاره الشيوخ المتأخرون من أصحابنا أنها من فروض الكفاية، ولا فرق بين العبارتين إلا من حيث اللفظ، وأما المعنى فواحد؛ لأن الفرض على الكفاية معناه أنه سنة مؤكدة.

فإذا ثبت ذلك فمن سنتها أن تصلى عليها الجماعة بإمام، فإن صلوا عليها أفذاذًا فلا خلاف -فيما أعلم- أن ذلك لا يمنع الجمع عليها بإمام.


(١) سورة التوبة الآية (٨٤).
(٢) سقط من أ، ب.

<<  <  ج: ص:  >  >>