للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مخاطبة إن كانت في زمان ينعقد فيه الصيام، فلو كان بالعكس لكان أولى أن يقال إنها مخاطبة بالصلاة من حين رأت الطهر، وإن كانت لا تفرغ من الغسل، إلا بعد خروج الوقت كما قلنا في المجنون والنصراني على أحد الأقوال، وذلك أحوط للصلاة؛ إذ لا يجب عليها قضاء ما خرج وقته.

ويقال في الصيام: إنها لا تخاطب إلا بعد الاغتسال؛ إذ لابد لها من القضاء.

فلو كان الدِّين بالقياس لكان الأمر كذلك، ولكنا خوطبنا بالوقوف على الدليل الشرعي، ومن أين لهم هذا التفريق، إن كان ذلك بدليل فنقول: فسمع وطاعة، وإن كان بدليل معقول، فعليهم أن يظهروه ويبرزوه، وإلا فقد ثبت عنه - صلى الله عليه وسلم - من كل طريق، وثبت عند كل فريق أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك الصلاة" (١).

و [مَنْ] من أدوات العموم، فقال أصحابنا: هذا في أصحاب الأعذار كالحائض إذا طهرت، مثل ما ذكرناه.

فانظر هل حد لها النبي - صلى الله عليه وسلم - حدًا من الاغتسال ومقدار الاغتسال، أو أشار إليه؟ وليس في الأخبار شيء يدل على ذلك؛ فإذا المرجوع إلى قوله تعالى: {وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ} الآية (٢).

فقوله: {حَتَّى يَطْهُرْنَ} فيجوز الوطء، وتخاطب بالعبادات؛ لأن حكمها حينئذ حكم الجنب؛ لأن الغاية من شرطها أن يكون ما بعدها مخالف لما قبلها، وإليه ذهب بعض العلماء.


(١) تقدم.
(٢) سورة البقرة الآية (٢٢٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>