للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الآخر؛ لأن بعض أهل العلم يرى أن ذلك يجزئه عن فرضه، ففهم من استدلاله أنه يجزئه عن الذي فيه؛ لأنه مستحق الزمان، ولاسيما على مذهب العراقيين من أصحاب مالك الذين يرون أن الحج على الفَّوْر، وهو الأَشْهَر الذي عليه الحُذَّاق، وعليه يناظرون بالعراق.

ويحتمل أن يكون مراد ابن القاسم في الاستدلال بقول بعض أهل العلم أنه يجزئه لفرضه أن هذا الزمان مستحق العين للصوم، فكان صومه له أولى من غيره؛ كما تعين النذر في الحج بالدخول فيه، والفرض على التراخي، والتأويل الأول أظهر، وبهذا القول قال المغيرة، وأشهب، وعبد الملك.

والثالث: أنه يجزئه عن الأول، وعليه قضاء الثاني الذي هو فيه.

وهذا القول متأول على "المدونة"، وممن تأوله على هذا الوجه فضل ابن سلمة، والقاضي عليّ بن جعفر [التلباني] (١)، وهو مذهب سحنون في تأويل المسألة أيضًا، وهو نص ابن القاسم في "العتبية"، وقاله أشهب أيضًا.

وسبب الخلاف: اختلافهم في تأويل ما [وقع] (٢) في "المدونة": من قوله: "يجزئه، وعليه قضاء الآخر"؛ بالفتح أو بالكسر.

فمن أخذ برواية الكسر، قال: يجزئه عن الأول الماضي، وعليه قضاء الذي هو فيه؛ لأنه هو الثاني لقوله تعالى: {هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ} (٣).


(١) سقط من ب.
(٢) سقط من أ.
(٣) سورة الحديد الآية (٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>