للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٢ - في الحج فإن الفرض لا بد من الإتيان به وتركه لا يجبر بدم بخلاف ترك الواجب فإنه يجبر بدم، ودليل ذلك ما ذكره الرملي في باب الحج عندما عدد أركان الحج فقال: «أركان الحج خمسة: الإحرام به، والوقوف بعرفة، والطواف، والسعي، والحلق ولا تجبر بدم» (١).

ثم ذكر بعد ذلك واجبات الحج فقال: «وأما واجباته فخمسة أيضا:

الإحرام من الميقات والرمي في يوم النحر وأيام التشريق والمبيت بمزدلفة والمبيت بليالي منى واجتناب محرمات الإحرام. . . فهذه تجبر بدم» (٢).

وأجاب الجمهور بأن التفرقة هنا ثبتت بدليلها من السنة.

وأما الجمهور فقد اعترضوا على الحنفية باعتراضات لتفرقتهم بين الفرض والواجب ونذكر أهمها:

١ - الاعتراض الأول: أن التفرقة بين الفرض والواجب على أساس أن الفرض ثبت بدليل قطعي والواجب ثبت بدليل ظني تحكم بلا دليل خاصة وأن هناك بعض النوافل قد ثبتت بدليل قطعي ولا تسمى فرائض.

الجواب: أن تسمية الفرض بهذا الاصطلاح يجب أن يتوفر فيه شرطان:

الأول: أن يثبت بدليل قطعي، والثاني: أن يكون فيه معنى اللزوم، بينما النوافل التي ثبتت بدليل قطعي ليس فيها معنى اللزوم. ثم إن التفرقة ليست تحكما بلا دليل، بل جاء ذلك من جهة الاستنباط من نقول أهل اللغة، فأهل اللغة فرقوا بين الفرض والواجب؛ فالفرض هو التأثير، بينما الواجب يعني السقوط، والسقوط قد يؤثر وقد لا يؤثر، فتخصيص ما هو أبلغ في التأثير باسم ليكون تمييزا له عما هو دونه في التأثير لا يعد تحكما بل له مستند لغوي وقد نبه الدكتور طه العلواني على أن الواجب في الشرع مشتق من الوجوب والوجوب


(١) نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج لشمس الدين محمد بن أبي العباس أحمد بن حمزة ابن شهاب الرملي المنوفي المصري الأنصاري الشهير بالشافعي الصغير، (دار الكتب العلمية ١٤١٤ هـ‍/١٩٩٣ م)،٣/ ٣٢٢.
(٢) نهاية المحتاج للرملي ٣/ ٣٢٢.

<<  <   >  >>