للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أو قال عنها أهون فتأخذ حكما أقل؟ كأن يخفف الحكم الحرام إلى الكراهة أو من الواجب إلى المندوب.

عامة أصحاب أحمد يرون أن ما قيل فيه أشد أو أهون أو أشنع فإنه يأخذ حكم سابقه، فهما سواء من حيث الحكم، وقوله: أشد أو أهون أو أشنع لا يعني ذلك اختلاف الحكم، فالواجبات بعضها آكد من بعض إلا أنها تتفق من حيث الحكم وهو الوجوب، يقول أبو بكر عبد العزيز:

«هما سواء عنده لأن الشيئين قد يستويان في الوجوب والندب والتحريم والكراهة والإباحة ويكون أحدهما آكد لأن بعض الواجبات عنده آكد من بعض» (١).

وابن حمدان يرى الأولى «النظر إلى القرائن في الكل، وما عرف من عادة أحمد في ذلك ونحوه وحسن الظن به وحمله على أصلح المحامل وأربحها وأرجحها وأنجحها» (٢).

أما ابن حامد والمرداوي فإنهما يرجحان القول بالفرق: فإذا قال: هو أهون وأيسر وأدون فكل ذلك يقتضي أنه في الأفعال مختلف وأنّه لا يجب ما قاله أنه أهون من غيره بما يجب (٣).

ومن الأمثلة على ذلك:

-في العتق إذا قال: لا ملك لي عليك، قال: إذا أخاف أن يكون عتق، قلت: فإذا قال: لا سبيل لي عليك، قال: هو أهون (٤).

-ولما سئل عن بيع التعاويذ قال: أكرهه، قلت لأبي: فإن باع لأهل الذمة التعاويذ، قال: ذاك أشد وأكرهه (٥).


(١ - ٢) صفة الفتوى ص ٩٣ - ٩٤؛ وانظر: المسودة لآل تيمية ص ٤٧٣.
(٣) تهذيب الأجوبة ص ١٤١؛ وانظر: تصحيح الفروع ص ٦٨.
(٤) تهذيب الأجوبة ص ١٤٠.
(٥) مسائل عبد الله ٣/ ٩٤٠.

<<  <   >  >>