للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يقول أبو الوليد الباجي: «الحائض غير مخاطبة بالصوم. . . والدليل على ما نقوله أنها لو صامت لم تؤد بذلك فرضا ولا أجزأ ذلك عما وجب عليها من الصيام» (١).

إلا أن جمهور الفقهاء والأصوليين يعتبرون صوم الحائض والمريض والمسافر بعد رمضان قضاء، لأنه قد ثبت في حقهم وجوب الصوم وإن تأخر وجوب الأداء لعذر، ويحسم الآمدي الخلاف في ذلك مبينا الفرق بين سبب الوجوب وبين وجوب الأداء بقوله: «فإن قيل: فلو لم يكن الصوم واجبا عليها فلم وجب عليها قضاؤه؟ قلنا: القضاء عندنا إنما يجب بأمر مجدد فلا يستدعي أمرا سابقا، وإنما سمي قضاء لما فيه من استدراك مصلحة ما انعدم بسبب وجوبه من الصوم ولم يجب لمانع الحيض» (٢).

[ثانيا-حالات تتعلق بالقضاء]

[الحالة الأولى: إذا غلب على ظن المكلف أنه يموت قبل انتهاء الوقت]

في هذه الحالة فإنه يتعين على المكلف أن يعجل أداء الفعل ولا يجوز له التأخير وإن أخر الفعل ثم مات قبل الأداء فإنه يأثم أما إذا تبين خطأ ظنه ولم يمت فأتى بالفعل في آخر الوقت فإنه يعد أداء على رأي الجمهور مع إثمه في التأخير.

قال ابن قدامة: «فلو غلب على ظنه في الواجب الموسع أنه يموت قبل الوقت لم يجز له التأخير فإن أخره وعاش لم يكن قضاء لوقوعه في الوقت» (٣).

ويقول الأسنوي: «لو ظن المكلف أنه لا يعيش إلى آخر الوقت تضيق


(١) إحكام الفصول في أحكام الأصول لأبي الوليد سليمان بن خلف الباجي، تحقيق الدكتور عبد الله محمد الجبوري، الطبعة الأولى، (مؤسسة الرسالة،١٤٠٩ هـ‍/١٩٨٩ م)، ١/ ٢٢٨.
(٢) إحكام الفصول في أحكام الأصول لأبي الوليد الباجي ١/ ٢٠٣،٢٠٤.
(٣) نهاية السول شرح منهاج الوصول ١/ ٨٩.

<<  <   >  >>