للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يقضها إلا بعد العشاء فإن فعلها بعد العشاء يسمى قضاء ولا نقول قضاء القضاء.

[ثالثا-الدليل الموجب للقضاء]

أعرض في هذه المسألة آراء العلماء في الدليل الموجب للقضاء، وهل يجب القضاء بما وجب به الأداء بحيث يبقى الأمر منسجما مع القضاء ومنسحبا عليه أم أن القضاء يجب بأمر جديد؟ في الحقيقة أن العلماء ذهبوا في ذلك مذهبين، مذهب الجمهور، وهو أن القضاء يجب بأمر جديد «لأن الأمر بالفعل في وقت معين لا يكون إلا لمصلحة تختص بذلك الوقت» (١)، ويقصدون بالأمر الجديد الدليل المنفصل كخطاب جلي أو الإجماع أو القياس بحيث يدل الأمر على قضاء الفوائت.

يقول السرخسي: «فالعراقيون يقولون وجوب القضاء بدليل آخر غير الذي به وجب الأداء لأن الواجب بالأمر أداء العبادة ولا مدخل للرأي في معرفة العبادة فإن كان نص الأمر مقيدا بوقت كان عبادة في ذلك الوقت» (٢).

أما الحنفية فبعضهم يرى أن القضاء يجب بأمر جديد ومنهم العراقيون كما ذكر السرخسي وكذلك الشافعية والمالكية والمعتزلة فإنهم يرون أن القضاء يجب بأمر جديد.

يقول السبكي: «وقد تكلم الفقهاء في إعادة صلاة الجنازة ولا أداء فيها إذ لا وقت بتعيين ولا يسمى القضاء الأول إعادة لأن القضاء بأمر جديد فهو غير المأمور به في الوقت» (٣).


(١) إتحاف ذوي البصائر بشرح روضة الناظر د. عبد الكريم النملة ٥/ ٣٣٠،٣٣١.
(٢) أصول السرخسي للإمام أبي بكر محمد بن أبي سهل السرخسي، حقق أصوله وعلق عليه الدكتور رفيق العجم، الطبعة الأولى، (لبنان: بيروت، دار المعرفة، ١٤١٨ هـ‍/١٩٩٧ م)،١/ ٦٢،٦٣.
(٣) الإبهاج شرح المنهاج ١/ ٧٨.

<<  <   >  >>