للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأبو الوليد الباجي من المالكية ذهب مذهب الجمهور فيرى أنه: «لا يجب قضاء الفوائت إلا بأمر ثان. . . والدليل على ما نقوله أن الأمر المؤقت مخصوص بإيقاع مثله في غير ذلك الوقت ولا تخيير بينه وبين مثله» (١).

وأبو الحسين البصري من المعتزلة يقول: «ويحتاج فعله فيما بعد الوقت إلى دلالة أخرى» (٢).

أما الرأي الثاني، وهو مذهب أكثر الحنفية والحنابلة والقاضي عبد الجبار (٣) من المعتزلة فإنهم يرون أن القضاء يجب بما وجب به الأداء، فإن المكلف إذا لم يمتثل الأمر حتى فات الوقت فإن ذمته تبقى مشغولة ولا تبرأ حتى يقضي ما فاته في وقت آخر، وهؤلاء يرون «أن الأمر بالمركب أمر بأجزائه» (٤)، أي أن الأمر يقتضي شيئين فعل الشيء في وقته المحدد، فإن لم يتمكن المكلف بإيقاع الفعل في وقته المحدد وهو الجزء الأول من الأمر يبقى الجزء الثاني من الأمر وهو فعل الشيء خارج الوقت.

يقول ابن قدامة من الحنابلة: «الواجب المؤقت لا يسقط بفوات وقته ولا يفتقر القضاء إلى أمر جديد» (٥).

وكذلك السرخسي ينقل رأي مشايخ الحنفية فيقول: «وأكثر مشايخنا رحمهم الله على أن القضاء يجب بالسبب الذي به وجب الأداء عند فواته وهو الأصح» (٦).


(١) إحكام الفصول ١/ ٢٢٣.
(٢) المعتمد لأبي الحسين البصري، تحقيق محمد حميد الله وأحمد بكير وحسن حنفي، الطبعة الأولى (دمشق: المعهد العالمي الفرنسي للدراسات العربية ١٣٨٥ هـ‍/١٩٦٥ م)، ١/ ١٤٤.
(٣) شرح اللمع للشيرازي ١/ ٢٣٠؛ إتحاف ذوي البصائر بشرح روضة الناظر، د. عبد الكريم النملة ٥/ ٣٢٤.
(٤) إتحاف ذوي البصائر للدكتور عبد الكريم النملة ٥/ ٣٣٠.
(٥) إتحاف ذوي البصائر د. عبد الكريم النملة ٥/ ٣٢٤.
(٦) أصول السرخسي ١/ ٦٣.

<<  <   >  >>