للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أما إذا قصرنا المقارنة بينهما على العبادة كوصف لها، فإنهما في الغالب يكونان بمعنى واحد، إلا في بعض المواطن يكون لأحدهما صفة العموم عن الآخر، وفي مواطن أخرى يكون العكس، ففي حديث الرسول صلى الله عليه وسلم لأبي بردة بن دينار في جذع الماعز: «تجزئك ولا تجزىء أحدا من بعدك» (١) أن الإجزاء أعم من الصحة، وفي المتيمم في الحضر فإنه يصلي ثم يعيد على مذهب الشافعي وليست الإعادة لعدم الصحة وإنما لعدم الإجزاء وهنا تكون الصحة أعم من الإجزاء.

يقول القرافي في هذا المعنى: «أما الفرق بين إجزاء العبادة وصحتها فصعب لأن كل عبادة صحيحة عند الفقهاء مجزئة وكل عبادة مجزئة صحيحة فيعسر الفرق. . .، غير أني قد استروحت من قوله صلى الله عليه وسلم لأبي بردة-الحديث المتقدم-أن الإجزاء أعم ويمكن أن يقال: «الإجزاء والصحة كل واحد أعم من الآخر من وجه وأخص من وجه» (٢).

يقول محمد الفتوحي: «وبصحة عبادة يترتب إجزاؤها وهو-أي إجزاؤها-كفايتها في أسقاط التعبد ويختص الإجزاء بها-أي بالعبادة سواء كانت واجبة أو مستحبة» (٣).

وقال أيضا: «الإجزاء في العبادة بمعنى الصحة والفرق بينها أن الصحة وصف للعبادة والعقود أما الإجزاء فهو وصف للعبادة فقط فالصحة أعم من الإجزاء مطلقا، وقيل: الإجزاء يشمل العبادة وغيرها فعلى هذا فهما متساويان» (٤).


(١) أخرجه البخاري في الجامع الصحيح-كتاب التبكير إلى العيد-حديث (٩٦٨) - ٢/ ٤٥٦؛ ومسلم في الصحيح ٣/ ١١٥٥، كتاب الأضاحي باب وقتها ٧/ ١٩٦١.
(٢) نفائس الأصول ١/ ٣١٤،٣١٥.
(٣) - (٤) شرح الكوكب المنير المسمى بمختصر التحرير أو المختصر المبتكر شرح المختصر للعلامة محمد ابن أحمد بن عبد العزيز بن علي الفتوحي-تحقيق الدكتور محمد الزحيلي والدكتور نزيه حمادة (١٤١٣ هـ‍/١٩٩٣ م)،١/ ٤٦٨ - ٤٦٩.

<<  <   >  >>