للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يسأل إذ ذاك، أو يجتمع معه على الأكل والتسبب للذكر والدعاء وقت مظنة الإجابة، وتدارك نية الصوم لمن أغفلها قبل أن ينام.

قال ابن دقيق العيد: هذه البركة يجوز أن تعود إلى الأمور الأخروية؛ فإن إقامة السنة يوجب الأجر وزيادته، ويحتمل أن تعود إلى الأمور الدنيوية كقوة البدن على الصوم وتيسيره من غير إضرار بالصائم، قال: ومما يعلل به استحباب السحور المخالفة لأهل الكتاب؛ لأنه ممتنع عندهم، وهذا أحد الوجوه المقتضية للزيادة في الأجور الأخروية (١).

أكلةُ السحر فرق ما بين صيامنا وصيام أهل الكتاب:

عَنْ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ - رضي الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «فَصْلُ مَا بَيْنَ صِيَامِنَا وَصِيَامِ أَهْلِ الْكِتَابِ، أَكْلَةُ السَّحَرِ» (٢).

قال الإمام النووي -رحمه الله-:

معناه: الفارق والمميز بين صيامنا وصيامهم السحور؛ فإنهم لا يتسحرون ونحن يستحب لنا السحور (٣).

قال القرطبي: هذا الحديث يدل على أن السحور من خصائص هذه الأمة، ومما خفف به عنهم أكلة السحر (٤).

وقال الإمام الخطابي -رحمه الله-:

معنى هذا الكلام: الحث على التسحر، وفيه الإعلام بأن هذا الدين يسر لا عسر فيه، وكان أهل الكتاب إذا ناموا بعد الإفطار لم يحل لهم معاودة الأكل والشرب، وعلى مثل ذلك كان


(١) انظر: فتح الباري لابن حجر (٤/ ١٤٠).
(٢) أخرجه مسلم (١٠٩٦)، وأبو داود في «سننه» (٢٣٤٣)، وأحمد في المسند (١٧٧٦٢).
(٣) شرح صحيح مسلم، النووي (٧/ ٢٠٧).
(٤) شرح السيوطي على صحيح مسلم (٣/ ١٩٧).

<<  <   >  >>