للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال أصحابنا: ولا يفطر بمجرد العلك، ولا بنزول الريق منه إلى جوفه فإن تفتت فوصل من جرمه شئ إلى جوفه عمدًا وإن شك في ذلك لم يفطر، ولو نزل طعمه في جوفه أو ريحه دون جرمه لم يفطر؛ لأن ذلك الطعم بمجاورة الريق له، هذا هو المذهب وبه قطع الجمهور، وحكى الدارمي وجهًا عن ابن القطان: أنه إن ابتلع الريق وفيه طعمه أفطر، وليس بشئ (١).

قال ابن القاسم: وكره مالك للصائم مضغ العلك (٢).

وقال ابن قدامة في «المغني»: قال إسحاق بن منصور: قلت لأحمد: الصائم يمضغ العلك. قال: لا.

قال أصحابنا: العلك ضربان: أحدهما: ما يتحلل منه أجزاء، وهو الرديء الذي إذا مضغه يتحلل، فلا يجوز مضغه، إلا أن لا يبلع ريقه، فإن فعل فنزل إلى حلقه منه شيء، أفطر به، كما لو تعمد أكله.

والثاني: العلك القوي الذي كلما مضغه صلب وقوي، فهذا يكره مضغه ولا يحرم، وممن كرهه الشعبي، والنخعي ومحمد بن علي وقتادة، والشافعي، وأصحاب الرأي؛ وذلك لأنه يحلب الفم، ويجمع الريق، ويورث العطش.

ورخصت عائشة في مضغه، وبه قال عطاء؛ لأنه لا يصل إلى الجوف، فهو كالحصاة يضعها في فيه، ومتى مضغه ولم يجد طعمه في حلقه، لم يفطر، وإن وجد طعمه في حلقه، لم يفطر.

وإن وجد طعمه في حلقه ففيه وجهان، أحدهما: يفطره، كالكحل إذا وجد طعمه في حلقه، والثاني: لا يفطره؛ لأنه لم ينزل منه شيء، ومجرد الطعم لا يفطر، بدليل أنه قد قيل: من لطخ باطن قدمه بالحنظل وجد طعمه ولا يفطر، بخلاف الكحل، فإن أجزاءه تصل إلى الحلق، ويشاهد إذا تنخع.


(١) انظر: المجموع للنووي (٦/ ٣٥٣، ٣٥٤).
(٢) انظر: المدونة (١/ ٢٧١).

<<  <   >  >>