للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يكن مواصلاً، ومما يوضح هذا التأويل ويقطع كل نزاع قوله - صلى الله عليه وسلم - في الرواية التي بعد هذا: «إني أظل يطعمني ربي ويسقيني»، ولفظة: «ظل» لا يكون إلا في النهار كما سنوضحه قريبًا إن شاء الله تعالى، ولا يجوز الأكل الحقيقي في النهار بلا شك، والله أعلم (١).

صفة الوصال المكروه:

قال الماوردي -رحمه الله-: أما الوصال في الصيام فهو: أن يصوم الرجل يومه فإذا دخل الليل امتنع من الأكل والشرب، ثم أصبح من الغد صائمًا فيصير واصلاً بين اليومين بالإمساك لا بالصوم؛ لأنه قد أفطر بدخول الليل وإن لم يأكل.

قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إِذَا أَقْبَلَ اللَّيْلُ مِنْ هَا هُنَا، وَأَدْبَرَ النَّهَارُ مِنْ هَا هُنَا، وَغَرَبَتِ الشَّمْسُ فَقَدْ أَفْطَرَ الصَّائِمُ» (٢) رواه أبو هريرة، فهذا هو الوصال المكروه الذي نهى عنه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (٣).

وقال النووي -رحمه الله-:

قال أصحابنا: وحقيقة الوصال المنهي عنه أن يصوم يومين فصاعدًا ولا يتناول في الليل شيئًا لا ماء ولا مأكولاً، فإن أكل شيئًا يسيرًا أو شرب فليس وصالاً، وكذا إن أخر الأكل إلى السحر لمقصود صحيح أو غيره فليس بوصال، وممن صرح بأن الوصال أن لا يأكل ولا يشرب ويزول الوصال بأكل أو شرب وإن قل صاحب الحاوي وسليم الرازي والقاضي أبو الطيب وإمام الحرمين والشيخ نصر والمتولي وصاحب العدة وصاحب البيان وخلائق لا يحصون من أصحابنا.

وأما قول المحاملي في «المجموع» وأبي علي بن الحسن بن عمر البندنيجي في كتابه «الجامع» والغزالي في «الوسيط» والبغوى في «التهذيب»: الوصال أن لا يأكل شيئًا في الليل، وخصوه


(١) انظر: شرح صحيح مسلم للنووي (٧/ ٢١٢، ٢١٣).
(٢) أخرجه البخاري (١٩٥٤)، ومسلم (١١٠٠).
(٣) انظر: الحاوي الكبير للماوردي (٣/ ٤٧١).

<<  <   >  >>