للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولفظُ مسلم: عَنْ أَنَسٍ - رضي الله عنه -، عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ - رضي الله عنه -، قَالَ: «تَسَحَّرْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، ثُمَّ قُمْنَا إِلَى الصَّلَاةِ». قُلْتُ: كَمْ كَانَ قَدْرُ مَا بَيْنَهُمَا؟ قَالَ: «خَمْسِينَ آيَةً» (١).

وقال ابن حجر في «فتح الباري»: «قال بن أبي جمرة: فيه إشارة إلى أن أوقاتهم كانت مستغرقة بالعبادة، وفيه تأخير السحور لكونه أبلغ في المقصود.

قال بن أبي جمرة: كان - صلى الله عليه وسلم - ينظر ما هو الأرفق بأمته فيفعله؛ لأنه لو لم يتسحر لاتبعوه فيشق على بعضهم، ولو تسحر في جوف الليل لشق أيضًا على بعضهم ممن يغلب عليه النوم فقد يفضي إلى ترك الصبح أو يحتاج إلى المجاهدة بالسهر، وقال: فيه أيضًا تقوية على الصيام لعموم الاحتياج إلى الطعام ولو ترك لشق على بعضهم، ولا سيما من كان صفراويًا فقد يغشى عليه فيفضي إلى الإفطار في رمضان.

قال: وفي الحديث تأنيس الفاضل أصحابه بالمؤاكلة، وجواز المشي بالليل للحاجة؛ لأن زيد ابن ثابت ما كان يبيت مع النبي - صلى الله عليه وسلم -، وفيه الاجتماع على السحور، وفيه حسن الأدب في العبارة؛ لقوله: «تسحرنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -» ولم يقل نحن ورسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ لما يشعر لفظ المعية بالتبعية» (٢).

وعن زِرَّ بْنَ حُبَيْشٍ، قَالَ: «تَسَحَّرْتُ مَعَ حُذَيْفَةَ، ثُمَّ خَرَجْنَا إِلَى الصَّلَاةِ، فَلَمَّا أَتَيْنَا الْمَسْجِدَ صَلَّيْنَا رَكْعَتَيْنِ، وَأُقِيمَتِ الصَّلَاةُ وَلَيْسَ بَيْنَهُمَا إِلَّا هُنَيْهَةٌ» (٣).


(١) أخرجه مسلم (١٠٩٧).
(٢) فتح الباري شرح صحيح البخاري، ابن حجر (٤/ ١٣٨).
(٣) أخرجه النسائي في «السنن الصغرى» (٢١٥٣) وقال الشيخ الألباني: صحيح الإسناد.

<<  <   >  >>