للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله فاتح أبواب المقال، ومانح أسباب النوال، وملهم جواب السؤال، أحمده -سبحانه وتعالى- حمدًا يستغرق البكر والآصال، ويستوعب الأماكن ويضيء الزمن والأطلال.

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ولا شبيه ولا مثال، رب السموات والأرض وما بينهما الكبير المتعال.

وأشهد أن سيدنا محمدًا عبده ورسوله جامع صفات الجلال والجمال، ومن أوتي فصل المقال صلى الله عليه وسلم، وعلى آله وصحبه فرسان الجلاد والجدال ما ارتفعت للعلماء راية تمحص عارض الشكوك والإشكال.

اللهم صلي على محمدٍ ما ذكره الذاكرون الأبرار، وصلي على محمدٍ ما تعاقب الليل والنهار، وصلي على محمدٍ وعلى المهاجرين والأنصار، وسلم تسليمًا كثيرًا.

أما بعد:

فإن الصيام هو أحد أركان الإسلام الخمسة ومبانيه العظام، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «بُنِيَ الإِسْلاَمُ عَلَى خَمْسٍ: شَهَادَةِ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، وَإِقَامِ الصَّلاَةِ، وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ، وَالحَجِّ، وَصَوْمِ رَمَضَانَ» (١).

فيجب علينا أن نعرف حكمته التي شُرع من أجلها، قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [البقرة: ١٨٣].

قال صاحب المنار -رحمه الله-: قوله: {لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} هذا تعليل لكتابة الصيام ببيان فائدته الكبرى وحكمته العليا، وهو أنه يعد نفس الصائم لتقوى الله تعالى بترك شهواته الطبيعية المباحة الميسورة؛ امتثالاً لأمره، واحتسابًا للأجر عنده، فتتربى بذلك إرادته على ملكة ترك الشهوات المحرمة والصبر عنها، فيكون اجتنابها أيسر عليه، وتقوى على النهوض


(١) أخرجه البخاري في صحيحه، في كتاب: الإيمان، باب: قول النبي صلى الله عليه وسلم: «بني الإسلام على خمس»، ص (١/ ١١)، حديث رقم: (٨)، ومسلم في صحيحه، في كتاب: الإيمان، باب: قول النبي صلى الله عليه وسلم: «بني الإسلام على خمس»، ص (١/ ٤٥)، حديث رقم (٢٠).

<<  <   >  >>