للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

«لا يزال الناس بخير ما عجلوا الفطر»؛ لما فيه من المحافظة على السنة، فإذا خالفوها إلى البدعة كان ذلك علامة على إفساد يقعون فيه (١).

وقال المناوي -رحمه الله-: «لَا يَزَالُ النَّاسُ بِخَيْرٍ مَا عَجَّلُوا الْفِطْرَ» أي: ما داوموا على هذه السنة؛ لأن تعجيله بعد تيقن الغروب من سنن المرسلين، فمن حافظ عليه تخلق بأخلاقهم؛ ولأن فيه مخالفة أهل الكتاب في تأخيرهم إلى اشتباك النجوم وفي ملتنا شعار أهل البدع فمن خالفهم واتبع السنة لم يزل بخير، فإن أخر غير معتقد وجوب التأخير ولا ندبه فلا ضير فيه، كما قال الطيبي: أن متابعة الرسول - صلى الله عليه وسلم - هي الطريق المستقيم ومن تعوج عنها فقد ارتكب المعوج من الضلال ولو في العبادة» (٢).

وقال ابن بطال -رحمه الله-: «قال المهلب: إنما حض - عليه السلام - على تعجيل الفطر؛ لئلا يزاد فى النهار ساعة من الليل فيكون ذلك زيادة فى فروض الله؛ ولأن ذلك أرفق بالصائم وأقوى له على الصيام، وقد روى محمد بن عمرو، عن أبى سلمة، عن أبى هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لا يزال الدين ظاهرًا ما عجل الناس الفطر؛ لأن اليهود يؤخرون». وقال عمرو بن ميمون الأودى: كان أصحاب محمد أسرع الناس فطرًا، وأبطأهم سحورًا. وقال سعيد بن المسيب: كتب عمر إلى أمراء الأجناد: لا تكونوا مسبوقين بفطركم، ولا منتظرين لصلاتكم اشتباك النجوم، وروى عبد الرزاق عن ابن جريج، قال: «سمعت عروة بن عياض يخبر عبد العزيز بن عبد الله أنه يؤمر أن يفطر قبل أن يصلى ولو على حسوة». وروى أيضًا عبد الرزاق عن صاحب له، عن عوف، عن أبى رجاء قال: «كنت أشهد ابن عباس عند الفطر فى رمضان، فكان يوضع له طعامه، ثم يأمر مراقبًا يراقب الشمس، فإذا قال: قد وجبت، قال: كلوا، ثم قال: كنا نفطر


(١) شرح السيوطي على صحيح مسلم (٣/ ١٩٨).
(٢) فيض القدير، المناوي (٦/ ٤٥٠).

<<  <   >  >>