للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قبل الصلاة»، وليس ما رواه مالك فى «الموطأ». عن ابن شهاب، عن حميد بن عبد الرحمن: «أن عمر وعثمان كانا يصليان المغرب حين ينظران إلى الليل الأسود قبل أن يفطرا، ويفطران بعد الصلاة»، بمخالف لما روى من تعجيل الفطر؛ لأنهما إنما كانا يراعيان أمر الصلاة، وكانا يعجلان الفطر بعدها من غير كثرة تنقل، لما جاء من تعجيل الفطر، ذكره الداودي (١).

وعَنْ أَبِي عَطِيَّةَ، قَالَ: دَخَلْتُ أَنَا وَمَسْرُوقٌ، عَلَى عَائِشَةَ -رضي الله عنها- فَقُلْنَا: «يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ، رَجُلَانِ مِنْ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ - صلى الله عليه وسلم -، أَحَدُهُمَا: يُعَجِّلُ الْإِفْطَارَ وَيُعَجِّلُ الصَّلَاةَ، وَالْآخَرُ: يُؤَخِّرُ الْإِفْطَارَ وَيُؤَخِّرُ الصَّلَاةَ»، قَالَتْ: «أَيُّهُمَا الَّذِي يُعَجِّلُ الْإِفْطَارَ وَيُعَجِّلُ الصَّلَاةَ؟». قَالَ: قُلْنَا: عَبْدُ اللهِ، يَعْنِي: ابْنَ مَسْعُودٍ. قَالَتْ: «كَذَلِكَ كَانَ يَصْنَعُ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -»، زَادَ أَبُو كُرَيْبٍ: وَالْآخَرُ أَبُو مُوسَى (٢).

وقال صاحب «مرقاة المفاتيح»: قال الطيبي: الأول عمل بالعزيمة والسنة، والثاني بالرخصة اهـ، وهذا بما يصح لو كان الاختلاف في الفعل فقط، أما إذا كان الخلاف قوليًا فيحمل على أن ابن مسعود اختار المبالغة في التعجيل وأبو موسى اختار عدم المبالغة فيه، وإلا فالرخصة متفق عليها عند الكل، والأحسن أن يحمل عمل ابن مسعود على السنة وعمل أبي موسى على بيان الجواز، كما سبق من عمل عمر وعثمان - رضي الله عنهم أجمعين، وأما قول ابن حجر: وكان عذر أبي موسى أنه لم يبلغه فعل النبي - صلى الله عليه وسلم - فعذر بارد، والله أعلم (٣).


(١) شرح صحيح البخاري لابن بطال (٤/ ١٠٤، ١٠٥).
(٢) أخرجه مسلم (١٠٩٩)، والترمذي في ««سننه»» (٧٠٢)، وأحمد في «مسنده» (٢٤٢١٢).
(٣) مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح، القاري (٤/ ١٣٨٧).

<<  <   >  >>