للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

«حين يلقاه جبريل، وكان يلقاه في كل ليلة من رمضان فيدارسه القرآن» أي: والسبب في زيادة كرمه، ومضاعفة جوده، يرجع إلى أمرين: التقاؤه بجبريل، ومدارسته للقرآن.

«فلرسول الله - صلى الله عليه وسلم - أجود بالخير من الريح المرسلة» أي: كان نبينا - صلى الله عليه وسلم - أكرم وأكثر عطاءً وفعلاً للخير، وأعظم نفعًا للخلق من الريح الطيبة التي يرسلها الله بالغيث والرحمة، تسوق السحاب إلى الأرض الميتة، تحييها بالنبات الذي يتغذى به الحيوان، وينتفع به الإنسان؛ لأنّها قد تتخلف عن العطاء، أما عطاؤه - صلى الله عليه وسلم - فلا يتخلف أبدًا، ولا يقف عند حد؛ ولأنّها إنما تعطى الدنيا فقط، أما نبينا - صلى الله عليه وسلم - فإنه يعطي الدنيا والآخرة؛ لأنه جاء بنعمة الإِسلام التي تتحقق بها سعادة الناس في الدارين، هذا بالإِضافة إلى أنه - صلى الله عليه وسلم - كان مضرب الأمثال في جوده وكرمه، ففي الحديث عن ابن عباس -رضي الله عنهما-: «أنه - صلى الله عليه وسلم - كان لا يُسْألُ شيئاً إلاّ أعطاه» (١)، أخرجه أحمد (٢).

وعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضي الله عنه -، قَالَ: قِيلَ: يَا رَسُولَ اللهِ أِيُّ الصَّوْمِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: «صَوْمُ شَعْبَانَ تَعْظِيمًا لِرَمَضَانَ». قَالَ: فَأِيُّ الصَّدَقَةِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: «صَدَقَةٌ فِي رَمَضَانَ» (٣).

قال الإمام الشافعي -رحمه الله-: «فأحب للرجل الزيادة بالجود في شهر رمضان؛ اقتداءً برسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ ولحاجة الناس فيه إلى مصالحهم، وتشاغل كثير منهم بالصوم والصلاة عن مكاسبهم» (٤).


(١) أخرجه أحمد في «المسند» (٢٠٤٢).
(٢) منار القاري شرح مختصر صحيح البخاري، حمزة محمد قاسم (١/ ٥٣ - ٥٥).
(٣) أخرجه الترمذي في «سننه» (٦٦٣)، وقال الألباني: ضعيف، والبيهقي في «السنن الكبرى» (٨٥١٧).
(٤) أخرجه البيهقي في «معرفة السنن والآثار» (٩٠٦٣).

<<  <   >  >>