للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

وفي اللفظ الآخر: «إِنَّ أَحَبَّ الصِّيَامِ، صِيَامُ دَاوُدَ، وَإنَّ أَحَبَّ الصَّلَاةِ إِلَى اللَّهِ، صَلَاةُ دَاوُدَ»، أي أن النبي داود - عليه الصلاة والسلام - كَانَ يَصُومُ يَوْمًا، وَيُفْطِرُ يَوْمًا، وَكَانَ يَنَامُ نِصْفَ اللَّيْلِ، وَيَقُومُ ثُلُثَهُ، وَيَنَامُ سُدُسَهُ (١)،

هذه صلاة داود ينام النصف الأول، ويقوم السدس الرابع والخامس، وينام السدس الأخير، يتقوى به على عمل النهار، وهذا هو أفضل الصلاة صلاة جوف الليل مع نصف الثلث الأخير، وأحب الصيام إلى اللَّه صيام داود؛ لأنه يصوم يوماً ويفطر يوماً، هذا أفضل الصيام وأعدله، وإن صام الإثنين والخميس، أو ثلاثة أيام من كل شهر كفى، ولم يكلِّف نفسه أن يصوم يوماً، ويفطر يوماً، كما قاله النبي - عليه الصلاة والسلام -، قال عَبْدُ اللَّهِ لَمَّا كَبِرَت سِنّه: «يَا لَيْتَنِي قَبِلْتُ رُخْصَةَ رسول اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -» (٢)،

لما كبر عبد اللَّه، وضعفت قوته تأسَّف، وقال: ياليتني قبلت رخصة رسول اللَّه - عليه الصلاة والسلام -، ولم يحبَّ أن يدَعَ السُّنّة التي فارق النبي عليها - عليه الصلاة والسلام -، فكان يصوم أياماً


(١) البخاري، برقم ١١٣١، ومسلم، برقم ١١٥٩، وتقدم تخريجه في تخريج حديث المتن رقم ٢٠٤. وفي لفظ في الصحيحين، البخاري، برقم ١٩٧٧، ومسلم، برقم ١٨٦ - (١١٥٩): عن عَبْدِ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو - رضي الله عنهما - بَلَغَ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - أَنِّي أَسْرُدُ الصَّوْمَ وَأُصَلِّي اللَّيْلَ، فَإِمَّا أَرْسَلَ إِلَيَّ، وَإِمَّا لَقِيتُهُ، فَقَالَ: «أَلَمْ أُخْبَرْ أَنَّكَ تَصُومُ وَلَا تُفْطِرُ، وَتُصَلِّي، فَصُمْ وَأَفْطِرْ، وَقُمْ وَنَمْ؛ فَإِنَّ لِعَيْنِكَ عَلَيْكَ حَظًّاً، وَإِنَّ لِنَفْسِكَ وَأَهْلِكَ عَلَيْكَ حَظًّاً»، قَالَ: إِنِّي لَأَقْوَى لِذَلِكَ، قَالَ: «فَصُمْ صِيَامَ دَاوُدَ - عليه السلام -»، قَالَ: وَكَيْفَ؟ قَالَ: «كَانَ يَصُومُ يَوْمًا، وَيُفْطِرُ يَوْمًا، وَلَا يَفِرُّ إِذَا لَاقَى»، قَالَ: مَنْ لِي بِهَذِهِ يَا نَبِيَّ اللَّهِ؟ قَالَ عَطَاءٌ: لَا أَدْرِي كَيْفَ ذَكَرَ صِيَامَ الْأَبَدِ؟ قَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -: «لَا صَامَ مَنْ صَامَ الْأَبَدَ مَرَّتَيْن» ..
(٢) البخاري، كتاب الصوم، باب حق الجسم في الصوم، برقم ١٩٧٥ ..

<<  <   >  >>