للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

الآخر: «الْوَلاءُ لُحْمَةٌ كَالنَّسَبِ: لا يُبَاعُ، وَلا يُوهَبُ، ولا يُورَثُ» (١).

فالولاء مثل النسب لا يباع، فلو أن إنساناً باع نسبه من أخيه ما يصلح البيع، أو باع نسبه من ولده ما يصلح البيع، أو باع نسبه من ابن عمه لا يصح البيع، النسب لا يباع، وهكذا الولاء، والولاء هو ولاء العتق، فلو أنك أعتقت زيداً، فأنت الوارث له عصبته، فلو بعته هذا الولاء ولائي من زيد أبيعه، اشتره مني يا فلان بكذا، أنت تكون وليه بدلاً مني، ما يصح، أو وهبته إيَّاه، تقول: أنا وهبتك إياه، الولاء ما يصح، ما يكون صحيحاً، لا يرثه إلا أنت وعصبتك، فبيعك للولاء، أو هبتك باطلة مثل لو بعت قرابتك من أخيك، أو من أبيك، ما يصح البيع, فالقرابة لا تباع، ثابتة تبقى, ولو بعتها فالبيع باطل، فهكذا الولاء ولاء العتاق، إذا أعتقت إنساناً أعتقت رجلاً، أو أعتقت امرأةً، فأنت وليها، إذا ما صار لها ورثة إلا أنت، ما لها أقارب، أنت وليها، وعصبتك، فلا تبيع ولاءك، ولا تهبه، فلو بعت هذا الولاء، أو وهبته لأحد، فالهبة باطلة، والبيع باطل، لأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - نهى عن بيع الولاء وعن هبته، لأنه كالنسب.

٣٠٦ - عن عائشة - رضي الله عنها - قالت (٢): «كَانَتْ فِي بَرِيرَةَ ثَلاثُ سُنَنٍ: خُيِّرَتْ عَلَى زَوْجِهَا حِينَ عَتَقَتْ، وَأُهْدِيَ لَهَا لَحْمٌ، فَدَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، وَالْبُرْمَةُ عَلَى النَّارِ، فَدَعَا بِطَعَامٍ، فَأُتِيَ بِخُبْزٍ وَأُدْمٍ مِنْ أُدْمِ الْبَيْتِ، فَقَالَ: «أَلَمْ أَرَ الْبُرْمَةَ عَلَى النَّارِ فِيهَا لَحْمٌ؟» فقَالُوا: بَلَى، يَا رَسُولَ اللَّهِ، ذَلِكَ لَحْمٌ تُصُدِّقَ بِهِ عَلَى بَرِيرَةَ، فَكَرِهْنَا أَنْ نُطْعِمَكَ مِنْهُ، فَقَالَ: «هُوَ عَلَيْهَا صَدَقَةٌ، وَهُوَ لَنَا مِنْهَا (٣) هَدِيَّةٌ»، وَقَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - (٤): «إنَّمَا الْوَلاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ» (٥).


(١) روي مرفوعاً: أخرجه الشافعي، ٤٠٧، وابن حبان، ١١/ ٣٢٦، برقم ٤٩٥٠، والحاكم، ٤/ ٣٤١، والطبراني في الأوسط في رواية، ٢/ ٨٢، برقم ١٣١٨، ورواه موقوفاً: ابن أبي شيبة، ٤/ ٣٠٨، برقم ٢٠٤٧٢، ولفظه: «الْوَلاءُ لُحْمَةٌ كَلُحْمَةِ النَّسَبِ، لا يُبَاعُ وَلا يُوهَبُ»، وعبد الرزاق، ٩/ ٣، برقم ١٦١٤٠، وسنن الدارمي، ١/ ٢٢٦، وسعيد بن منصور، ١/ ٩٢، برقم ٢٧٧، وصحح المرفوع العلامة الألباني في إرواء الغليل، ٦/ ١٠٩، وقوى ابن حجر في فتح الباري،
١٢ - / ٤٤، كلها دون لفظ: «ولا يورث»، وقال الزيلعي في نصب الراية في تخريج أحاديث الهداية، ٤/ ٢٠٠: «وَرَوَاهُ أَيُّوبُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْأَعْوَرُ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ مُسْلِمٍ الْقَسْمَلِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ بِهِ: «لَا يُبَاعُ الْوَلَاءُ، وَلَا يُوهَبُ، وَلَا يُورَثُ»، فَزَادَ فِيهِ: «وَلَا يُورَثُ»؛ وَرَوَاهُ الشَّافِعِيُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ عَنْ أَبِي يُوسُفَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ بِهِ، وَقِيلَ فِيهِ: عَنْ أَبِي يُوسُفَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، وَلَا يَصِحُّ فِيهِ ذِكْرُ أَبِي حَنِيفَةَ؛ وَرَوَاهُ بِشْرُ بْنُ الْوَلِيدِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ ابْنِ دِينَارٍ، وَهُوَ أَشْبَهُ، انْتَهَى كَلَامُهُ، وَلَمْ أَجِدْ فِي شَيْءٍ مِنْ طُرُقِ الْحَدِيثِ: «وَلَا يُورَثُ».
(٢) في نسخة الزهيري: «أنها قالت».
(٣) في نسخة الزهيري: «وهو منها لنا هدية».
(٤) في نسخة الزهيري: «وقال النبي - صلى الله عليه وسلم - فيها».
(٥) رواه البخاري، كتاب النكاح، باب الحرة تحت العبد، برقم ٥٠٩٧، واللفظ له، ومسلم، كتاب العتق، باب إنما الولاء لمن أعتق، برقم ١٥٠٤.

<<  <   >  >>