للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذَلِكَ لَفظُ أَبِي بَكْرِ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- فِي كِتَابِ الصَّدَقَةِ، وَبِنْتُ المَخَاضِ لَهَا سَنَةٌ، وَلبِنْتِ اللَّبُون سنَتَانِ، وَللْحِقَّةِ ثَلاَثٌ، وَللْجَذَعَةِ أَرْبعٌ،

قال الرافعي: الأصل المرجوع إليه في نِصَاب الإبل ما روى الشَّافِعِي -رضي الله عنه- بإسناده عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- أنه قال: هَذِهِ الصَّدَقَةُ بِسْم اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيم هَذِهِ فَرِيْضَةُ الصَّدَقَةِ الَّتِي فَرَضَهَا رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- عَلَى المُسْلِمِيْنَ الَّتِيَ أَمَرَ اللهُ بِهَا رَسُولَهُ فَمَنْ سَأَلَهَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ عَلَى وَجْهِهَا فَلْيُعْطِهَا، وَمَنْ سَأَلَهَا فَوْقَ حَقِّهِ فَلاَ يُعْطِهِ فِي أَرْبَعٍ وَعِشْرِينَ مِنَ الإِبِلِ فَمَا دُونَهَا مِنَ الغَنَمِ، وَذَكَرَ مِثْلَ مَا أَوْرَدَهُ فِي الكِتَاب لَفْظًا بِلَفْظٍ إلى قوله: فَفِي كُلِّ أَرْبَعِينَ بنْتُ لَبُونٍ، وَفِي كُلِّ خَمْسِينَ حِقَّةٌ إلا أنه قال: في سِتٍّ وَأَرْبَعِيْنَ فَفِيها حَقَّةٌ طَرُوقَةٌ الجَمَل، وَفِي إِحْدَى وَتِسْعِينَ حِقَّتَانِ طَرُوقَتَا الجَمَلِ (١).

قوله: هذه الصَّدقة ترجمة الكتاب وعنوانه، كما يقال: هذا مختصر كذا وكتاب كذا ثم افتتح الكتاب. وقوله: هذه فريضة الصَّدَقة أي: بيان الصَّدَقة التي أمر اللهُ بِهَا، وأجمل ذكرها بقوله: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ} (٢). وقوله: التي فرضها رسول الله -صلى الله عليه وسلم-. قال الصيدلاني: يعني قدرها، وقال المَسْعُودي: يعني أوجبها وصاحب "الشَّامل" أوردهما معاً على سبيل الاحتِمَال. وقوله: "من سألها فوق حقه فلا يعطه" فيها وجهان لأصحابنا: منهم من قال: لا يعطه شيئاً. ومنهم من قال: لا يعطه الزِّيَادة، وهو الأصحّ باتِّفاق الشَّارحين.

إذا تقرَّر ذلك فنقول: لا زكاة في الإبل (٣) حتى تبلغ خَمْساً، فإذا بلغت خَمْساً ففيها شاةً، ولا يزيد بزيادتها شيء حتى تبلغ عشراً، فحينئذ ففيها شَاتَان، ولا يزياد بزيادتها شيء حتى تبلغ خمس عشرة، فحينئذ فيها ثَلاَثُ شياه ولا يزيد بزيادتها شيء حتى تبلغ عشرين فحينئذ فيها أربع شياه ثم لا يزيد شيء حتى تبلغ خَمْساً وعشرين فحينئذ فيها "بِنْت مَخَاض"، ثم لا شَيْءَ حَتى تَبْلُغ سِتًّا وثلاثين ففيها "بِنْتُ لَبُون" ثم لا شيء حتى تبلغ ستًّا وأربعين ففيها "حِقَّة"، ثم لا شيء حتى تَبْلُغ إحدى وستين، ففيها جَزَعَة، ثم لاشيء حتى تبلغ ستاً وسبعين ففيها "بِنْتًا لبون"، ثم لاشيء حتى تَبْلُغ إحدى وتسعين ففيها "حِقَّتَان"، ثم لا يزيد شيء بزيادتها حتى تجاوز مائة وعشرين، فإن


(١) أخرجه البخاري (١٤٤٨، ١٤٥٠، ١٤٥١، ١٤٥٣، ١٤٥٤، ٢٤٨٧، ٣١٠٦، ٥٨٧٨، ٦٩٥٥).
(٢) سورة التوبة، الآية ١٠٣.
(٣) والإبل اسم جمع لا واحد له من لفظه وتسكن باؤه للتخفيف، ويجمع على آبال كجمل وأجمال.

<<  <  ج: ص:  >  >>