للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَإِنْ أَخَذَ كَذَلِكَ فَيَرْجعُ بَاذِل المُسِنَّةِ بِثَلاثَةِ أَسْبَاعِهَا عَلَى خَلِيطِهِ وَبَاذِلُ التَّبِيعِ بِأَرْبَعَةِ أَسْبَاعِهَا عَلَى خَلِيطِهِ؛ لِأنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنَ السِّنَّينِ وَاجِبٌ فِي الجَمِيعِ عَلَى الشُّيُوعِ كَأنَّ المَالَ مِلْكٌ وَاحِدٌ.

قال الرافعي: روينا عن النّبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "وَمَا كَانَا مِنْ خَلِيطَيْنِ فَإِنَّهُمَا يَتَرَاجَعَانِ بَيْنَهُمَا بِالسَّوِيَّةِ" (١). أخذ الزكاة من مال الخليطين يقتضي رجوع أحدهما على صاحبه دون رجوع الآخر عليه وقد يقتضي التراجع بينهما، وهو الذي تعرض له الخبر.

وقوله -عليه السّلام- بالسَّوية حمله الأئمة على الحصّة، فإذا ملك ما دون خمس وعشرين من الإبل بينهما نصفين وأخذ السَّاعي واجباً من أحدهما رجع بنصف قيمة المأخوذ على صاحبه ولو كانت بينهما أثلاثاً أو أرباعاً فالرجوع بالحساب ثم الرجوع والتَّراجع يكثران في خلطة الجواز، وإنما رَسَمَ الفصل في الكتاب للتراجع في هذه الخلطة وقد يتفقان قليلاً في خلطة المشاركة أيضاً على ما سنذكره آخراً، وحكى المُحَامِليُّ فيما يحمل عليه الخبر من الخلطتين قولين:

الجديد: أن مطلق الخلطة ينصرف إلى خلطة المشاركة.

والقديم: أنه ينصرف إلى خلطة المُجَاورة، وعليها حمل المعظم الخبر إذا عرفت هذه المقدمة فنتكلم في مقصود الفصل أوّلاً ونقول: إذا اختلط المالان خلطة جوار بشرائطها ووجب الزَّكاة نظر، هل يمكن أخذ ما يخص مال كل واحد منها لو انفرد من ماله أم لا؛ فإن لم يمكن فللسّاعي أن يأخذ الفرض من إيهما شاء فإن لم يجد سن الفرض بصفة الأجزاء إلا في مال أحدهما أخذه منه.

مثاله: بينهما أربعون من الغنم بالسّوية لا يمكن التَّشْقيص فيأخذ شاة من أَيِّهِمَا اتّفق، ولو وجب بنت لَبُون في إبلهما ولم يجدها إِلاَّ في مال أحدهما أخذها منهم، ولو كانت ماشية أحدهما مراضاً أو معيبة أخذ الفرض من الآخر، وإن أمكن أخذ ما يخص مال كل واحد منهما لو انفرد منه فوجهان:

أحدهما: فقد قال أبو إسحاق يأخذ كل واحد ما يخص ماله، ولا يجوز غير ذلك إغناء لهما عن التراجع.

وأصحهما وبه قال ابن أبي هريرة والمعظم وهو المذكور في الكتاب: أن له أن يأخذ من عرض المال ما يتفق ولا حجر عليه، بل وإن أخذ كما ذكر صاحب الوجه الأول يبقى التراجع بينهما، وذلك لأنَّ المالين عند الخلطة يَنْزِلان منزلة المَالِ الواحد،


(١) تقدم.

<<  <  ج: ص:  >  >>