للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والثاني: يسقط كما لو عاد قبل الانتهاء إليها ولا يجب العود في الحالة الثَّانِيَة، وأما في الأولى فسيأتي.

الخامسة: ليس على الحائض طواف الوداع: "لأَنَّ صَفِيَّةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهَا- حَاضَتْ فَأَذِنَ لَهَا رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- فِي أَنْ تَنْصَرِفَ بِلاَ وَدَاعٍ" (١).

ثم إذا طهرت قبل مفارقة خطة مكة لزمها العَوْدُ والطَّوَافُ، وإن جاوزته وانتهت إلى مسافة القَصْرِ لم يلزمها، وإن لم تنته إلَى مسافة القصر فالنص أنه لا يلزمها العود، ونص في المقصر بالترك أنه يلزمه العَوْدُ فمنهم من قرر النَّصَّيْنِ وَهُوَ الأَصَحُّ.

والفرق أن الحائض مأذونة في الانصراف من غير وَدَاعٍ والمقصر غير مأذون فيه.

ومنهم من قال: في الصورتين قولان: بالنقل والتخريج.

أحدهما: أنه يلزمه العود فيهما؛ لأنه بعد في حَدِّ حَاضِري المَسْجِدِ الحرام.

والثاني: لا يلزمه؛ لأن الوداع يتعلق بِمَكَّة، فإذا فارقها لم يفترق الحال بين أن يبعد عنها أو لا يبعد، فإن قلنا: بالثاني فالنظر إلى نَفْسِ مَكَّة أو إلى الحَرَمِ؟ فيه وَجْهَان:

أولهما: أظهرهما، وقد تَقَدَّمَ نَظِيرُهُمَا فِي المَوَاقِيتِ.

وقوله: (حاصلهما أن الوداع يفوت بمجاوزة الحرم أو مجاوزة مسافة القصر) معناه أنا إذا أوجبنا العَدَدَ قبل مسافة القصر فَإِنَّمَا يَحْصُلُ الفَوَاتُ بالانتهاء إلى مسافة القَصْرِ، وإذا لم نوجبه فإنه يحصل الفوات بمجاوزة الحَرَمِ، وفيه كلامان:

أحدهما: أن الفوات إنما يظهر على تقدير عدم تأدي الوَاجِب بالطَّوَافِ بعد العَوْدِ، لكنا قد بينا تأدي الواجب به وسُقُوط الدم.

أما إذا فرض قبل الانتهاء إلى مسألة القَصْرِ فلا خلاف.

وأما إذا فرض بعده فعلى أحد الوجهين:

والثاني: أن تعليق الفوات بمجاوزة الحرم على القول الثاني تفريعٌ على أن المعتبر مجاوزة الحرم لكنا ذكرنا وَجْهاً آخر أن الاعتبار بنفس مكة، فعلى ذلك الوجه الفوات لو كان، ربما كان بمجاوزة مَكَّة وإن لم يجاوز الحرم، ثم إذا أوجبنا العود فعاد وطاف سَقَطَ الدَّمُ، وإن لم يعد لم يسقط، وإن لم نوجبه ولم يعد فلا دَمَ عَلَى الحَائِضِ، ويجب على المُقَصِّرِ بالترك.

واعلم: أن طواف الوداع حكمه حكم سائر أنواع الطواف في الأركان


(١) أخرجه البخاري (٣٢٨، ١٧٣٣، ١٧٥٧) ومسلم (١٢١١).

<<  <  ج: ص:  >  >>