للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لو لبس الخف المقطوع لفقد النعلين ثم وجد النعلين نزع الخف، فلو لم يفعل افتدى، وإذا جاز لبس الخف المقطوع لم يضر استتار ظهر القدم مما بقي منه لحاجة الاستمساك، كما لا يضر استتاره بشراك النعل.

فإن قلت: ما معنى عدم وجدان الإزار والنَّعْلِ.

قلنا: المراد منه أن لا يقدر على تحصيله، إما لفقده في ذلك المَوْضِع، أو لعدم بذل المَالِك إيَّاه، أو لعجزه عن الثَّمَنِ إن باعه أو للأجرة إن اجره ولو بيع بغبن أو نسيئةٍ لم يلزمه شِرَاؤُه، ولو أعير منه وجب قبوله، ولو وهب لم يجب، ذكر هذه الصورة القاضي ابْنُ كِجٍّ وقد كتبنا نظائرها في المَاءِ للطَّهَارَةِ والثوب لستر العورة وبالله التوفيق.

قال الغزالي: وَلَيْسَ لِلرَّجُلِ لُبْسُ القُفَّازَيْنِ فِي اليَدَيْنِ، وَللْمَرْأَةِ ذَلِكَ فِي أَصَحِّ القَوْلَيْنِ، وإن اتَّخَذَ لِلِحْيَتِهِ خَرِيطَة فَفِي إِلْحَاقِهِ بَالقُفَّازَينِ تَرَدُّدٌ.

قال الرافعي: ليس للرجل لبس القفازين كما ليس له لبس الخفين، وهل للمرأة ذلك؟ فيه قولان:

أحدهما: قال: في "الأم" و"الإملاء" لا، وبه قال مالك وأحمد -رضي الله عنهما-؛ لما روى أنه -صلى الله عليه وسلم-: "نَهَى النِّسَاءَ فِي إِحْرَامِهِنَّ عَنْ لِبْسِ القُفَّازَيْنِ" (١) وأيضاً فإن اليد عضو لا يجب على المرأة ستره في الصَّلاة، فلا يجوز لها سَتْرُه في الإِحْرَامِ كالوجه.

والثاني: وهو منقول المزني نَعَم، وبه قال أبو حنيفة -رحمه الله-؛ لما روي أنه -صلى الله عليه وسلم- قال: "إِحْرَامُ الْمَرْأَةِ فِي وَجْهِهَا" (٢) فخص الوجه بالحكم، وذكر في الكتاب أن هذا أصح القولين، لكن أكثر النقلة على ترجيح الأول، منهم صاحب "التهذيب" والقاضي الرّوَيانِي، فإن جوزنا لَهَا لِبْسَهُمَا فلا فدية إذا لَبِسَتْ، وإلا وجبت الفدية ولو اختضبت بالحِنَّاء وألقت على يدها خِرْقَة فوقه أو ألقتها على اليَدِ مِنْ غَيْرِ حِنَّاءٍ، فعن الشيخ أَبِي مُحَمَّدٍ أنها إن لم تشد الخرقة فلا فدية، وإن شدته فعلى قولي القفازين، ورتب الأكثرون فقالوا: إن قلنا: لها لبس القفازين فَلاَ فِدْيَةَ عليها، وإن منعنا ففي وجوب الفدية هاهنا قولان:

أحدهما: تجب، ويروى عن "الأم".

والثاني: لا تَجِب، ويروى عن "الإملاء" والقولان على ما ذكر القاضي أَبُو الطَّيِّبِ


(١) تقدم.
(٢) أخرجه الدارقطني (٢/ ٢٩٤) والبيهقي من رواية ابن عمر، وضعفه الحاكم، والصحيح وقفه عليه قاله العقيلي والبيهقي والدارقطني، انظر خلاصة البدر المنير (١/ ٣٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>