للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أيضاً مس المصحف، وحمله، قال الله تعالى: {لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ} (١) وروي أنه -صلى الله عليه وسلم- قال لحكيم بن حزام: "لاَ تَمَسُّ الْمُصْحَفَ إِلاَّ طَاهِراً" (٢) وروي أنه قال: "لاَ تَحْمِلِ المُصْحَفَ، وَلاَ تَمَسَّهُ إِلاَّ طَاهِراً" (٣) ثم فيه مسائل:

إحداها: إذا كان المصحف مجلداً، فهل يحرم مس الجِلْدِ؟ كمس الموضع المكتوب؟ فيه وجهان:

أصحهما (٤): [وهو الذي ذكره في الكتاب] (٥) نعم؛ لأنه كالجزء من المصحف، ألا ترى أنه لو باعه دخل الجلد فيه.

والثاني: لا؛ لأنه ظرف ووعاء لما كتب عليه القرآن، فصار كالكِيْسَ والجراب الذي فيه المصحف.

الثانية: لا فرق في حكم المس بين موضع الكتابة وبين الحَوَاشِي، والبياض في خلال السطور، لأن اسم المصحف يقع على جميع ذلك وقوعاً واحداً.

الثالثة: في مس الخريطة والصُّنْدُوق والعِلاَقة (٦) وجهان إذا كان المصحف فيها:

أظهرهما: أنه يحرم؛ لأنها متخذة للقرآن منسوبة إليه، فإذا اشتملت على القرآن اقتضى التعظيم أن لا يمس إلا على الطهارة.

والثاني: لا، لأن الظواهر واردة في المصحف وهذه الأشياء غير المصحف، وهذا الخلاف قريب من الخلاف من الجِلْدِ، ولذلك جمع بعض الأصحاب بينهما جميعاً، وحكى فيهما الوجهين، ومنهم من جزم بالجواز في غير الجِلْدِ وخصص الخلاف بالجلد، ومنهم من جزم بالمَنْعِ في الجلد، وخصص الخلاف بما سواه، وكلامه في الكتاب أوفق لهذه الطريقة، أو هو هي، وفي كتب أصحابنا عن أبي حنيفة:


= المستدرك (١/ ٤٥٩) وقال صحيح الإسناد، وقد أوقفه جماعة، وأقره الذهبي، وأخرجه البيهقي في السنن مرفوعاً وموقوفاً (٥/ ٨٧) وقال ابن الملقن: بعد غزوه للحاكم من رواية ابن عباس: وهذا من طريق غريب عزيز لم يعثر به أحد من مصنفي الأحكام، وإنما ذكره الناس من الطريق المشهور في جامع الترمذي، وقد أكثر الناس القول فيها إن كان أمرها آل إلى الصحة فهذه ليس فيها مقال. انظر الخلاصة (١/ ٥٧).
(١) سورة الواقعة، الآية ٧٩.
(٢) قال الحافظ في التلخيص (١/ ١٣١) أخرجه الدارقطني.
(٣) قال الحافظ في التلخيص (١/ ١١٢) هذا اللفظ لا يعرف في شيء من كتب الحديث، ولا يوجد ذكر حمل المصحف في شيء من الروايات.
(٤) في ب: أحدهما.
(٥) سقط في ب.
(٦) العِلاقة: ما يعلق به السيف ونحوه انظر المعجم الوسيط (٢/ ٦٢٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>