للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أحدهما: نعم لزوال الغبنة عن البائع.

والثاني: لا، لأن ثبوت حق المشتري على الشُّيُوع يَجُرًّ ضَرراً، وهذا أظهر، وبه قال الإمام.

ورجع ابن سُرَيجٍ الأول في جوابات الجامع الصغير" لمحمد -رحمهما الله تعالى- ولو قال: لا نفسخ حتى أزيدك في الثَّمن لما زاد لم يكن له ذلك، ولم يسقط به خيار البائع بلا خلاف، ويقاس بهذه المسألة ما إذا باع الثوب على أنه عشرة أذرع، أو القطيع على أنه عشرون رأساً، أو الصُّبْرَة على أنها ثلاثون صاعاً، وفرض نقصاناً أو زيادة. وفرق صاحب "الشامل" بين الصُّبْرَة وغيرها، فروى أن الصُّبْرَة إذا زادت على القدر المشروط يرد الفضل، وإن نقصت وأجاز المشتري يُجيز بالحصة وفيما عداها يُجِيز بجميع الثمن، لأن أجزائها تتساوى فلا يَجُزُّ التوزيع جهالة.

ومنها: لو قال لغيره: مع عبدك من زيد بألف على أن عليَّ خمسمائة، فباعه على هذا الشرط هل يصح البيع؟ فيه قولان لابن سُرَيج:

أظهرهما: لا، لأن الثَّمَن يجب جميعه على المشتري، وهاهنا جعل بعضه على غيره.

والثاني: نعم، ويجب على زيد ألف وعلى الآخر خمسمائة، كما لو قال: ألق متاعك في البَحْر على أن عليّ كذا.

قال الغزالي: وَمَهْمَا فَسَدَتْ هَذِهِ الشَّرَائِطُ فَسَدَ بفَسَادِهَا العَقْدُ، وَالأَصَحُّ أَنَّ شَرْطَ نَفْي خِيَارِ المَجْلِسِ وَالرُّؤْيَةِ فَاسِدٌ.

قال الرافعي: ما يصح من البَيْوع لولا الشرط إذا ضم إليه شرط لم يخل ذلك الشرط، إِمَّا أن يكون صحيحاً أو فاسداً، فإن كان صحيحاً فالعقد صحيح لا محالة، وإن كان فاسدا فلا يخلو، إما أن يكون شيئاً لا يفرد بالعقد، وإما أن يكون شيئاً يفرد بالعقد، فإن كان الأول نظر إن لم يتعلق به غرض يورث تنافساً وتنازعاً، فلا يؤثر ذلك في العقد على ما سبق.

قال الإمام: ومن هذا القبيل ما إذا عين الشُّهود لتوثيق الثمن، وقلنا: إنهم لا يتعينون فلا يفسد به العقد؛ لأنا إذا ألغينا تَعْيين الشُّهود فقد أخرجناه، عن أن يكون من مقاصد العقد، وإن تعلّق به غرض فسد العقد بفساده للنهي عن بيع وشرط (١)، ولأنه يفضي إلى المُنَازعة، ولأنه يوجب الجَهْل بالعِوَض، وكل ذلك قد تقدم.


(١) تقدم.

<<  <  ج: ص:  >  >>