للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وللأصحاب في النصين ثلاثة طرق:

أظهرها: أن في الصُّورتين قولين بالنقل والتخريج وبه قال القاضي أبو حامد وأبو إسحاق:

أحدهما: أنه يلزم البَيْع؛ لأنه خيار يسقط بمفارقة المَكَان، فبمفارقة الدُّنْيَا أولى.

وأصحهما: أنه لا يلزم، بل يثبت للوارث والسَّيِّد كخِيَار الشرط والعَيْب.

والثاني: القطع بثبوت الخِيَار للوارث والسيد.

وقوله "في المُكَاتب: وجب البيع"، أراد به أنه لا يبطل بموته كالكتابة.

والثَّالث: تقرير النَّصَّين، والفرق أنَّ الوارث خليفة المورث، فيقوم مقامه في الخيار، والسيد ليس خليفة للمُكَاتب، وإنَّمَا يأخذ ما يأخذ بحق الملك، والعبد المَأْذُون إذا باع أو اشترى ومات في المجلس كالمُكَاتب فيجيء فيه هذا الخِلاَف، وكذلك في الوَكِيل بالشِّرَاء إذا مات في المَجْلس، هل للموكل الخِيَار؟

وهذا إذا فرعنا على أن الاعتبار بِمَجْلس الوَكِيلِ في الابْتِدَاء وهو الصحيح، وروى وجه: أن الاعتبار بمجلس الموكل.

التفريع: إنْ لم يثبت الخِيَار للوارث فقد انقطع خيار المَيِّت.

وأما الحي ففي "التهذيب": أن خِيَاره لا ينقطع حتى يفارق ذلك المجلس.

وذكر الإمام تفريعاً على هذا القول: أنه يلزم العَقْد من الجانبين، ويجوز تقدير خلاف فيه لما مر، أن هذا الخيار لا يتبعض في السقوط كما هو في الثبوت (١).

وإن قلنا: يثبت الخيار للوارث، فإن كان حاضراً في المجلس امتد الخيار بينه وبين العاقد الآخر، حتى يتفرقا أو يتخايرا.

وإن كان غائباً فله الخيار، إذا وصل الخبر إليه، ثم هو على الفَوْرِ أو يمتد امتداد مجلس بلوغ الخبر إليه، فيه وجهان:

وجه الأول: أنَّ المجلس قد انقضى، وإنما أثبتنا له الخِيَار كيلا يعطل حقّاً كان للمورث.

ووجه الثاني: أن الوارث خليفة المورث فليثبت له مثل ما ثبت للمورث، وهذان


(١) قال النووي: [قول صاحب "التهذيب" أصح، وفيه وجه ثالث حكاه القاضي حسين: يمتد حتى يجتمع هو والوارث. ورابع حكاه الروياني: أنه ينقطع خياره بموت صاحبه. فإذا بلغ الخبر الوارث، حدث لهذا الخيار معه] ينظر الروضة (٣/ ١٠٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>