للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يتعلق بالظَّاهر. والثاني: نعم؛ كالفَسْخِ يتعلّق بالعيب.

والثالث: إنْ كان البائع صَادِقاً فنعم لتعذر وصوله إلى حَقّه كما لو فسخ بإفلاس المشتري، وإن كان كاذباً فلا تمكنه من الوصول إلى ما ثبت له، وهل يجري مثل هذا الخلاف إذا فرعنا على انفساخ العقد بنفس التَّحَالف، أم يجزم بالارتفاع باطناً أيضاً؟

اختلفوا فيه، وإذا قلنا بالارتفاع باطناً ترادّا وتصرف كل واحد منهما فيما عاد إليه، وإن منعناه لم يجز لهما التَّصرف، لكن لو كان البائع صادقاً فقد ظَفَرَ بمال من ظلمه لما استرد المبيع فله بيعه، إما بالحاكم في أحد الوجهين أو بنفسه في أصحهما واستيفاء حقه من ثمنه. واعلم أَنَّ جميع ما ذكرناه مفرغ في قالب واحد، وهو أن يكون اختلافهما في قدر الثمن، وللإمام عِبَارة نحو هذه الصُّورة، وسائر صور الاخْتِلاَف، وهي أن الفَسْخ إنْ صدر من المحق فالوجه تنفيذه باطناً، وإن صدر من المبطل فالوجه منعه، وإن صدر منهما جميعاً فَلاَ شَكَّ في الانْفِسَاخ باطناً، وليس ذلك موضع الخِلاَف.

قال المصنف في "الوسيط": كما لو تَقَايلا، وإذا صدر من المبطل ولم ينفذه باطناً فطريق الصادق إنشاء الفسخ، وإن أراد الملك فيما عاد إليه، وإِنْ صدر من القاضي فالظَّاهر الانْفِسَاخ باطنًا لينتفع به المحق.

قال الغزالي: ثُمَّ يَرُدُّ عَيْنَ المَبِيعِ عِنْدَ التَّفَاسُخِ إِنْ كَانَ قَائِماً وإِلاَّ فَقِيمَتُهُ عِنْدَ التَّلَفِ اعْتِبَاراً بِقيمَتِهِ يَوْمَ التَّلَف عَلَى الأَصَحِّ، وَقِيلَ: يُعْتَبَرَ يَوْمُ القَبْضِ، وَلَوْ كَانَ المَبيعُ عَبْدَيْنِ وَتَلَفَ أَحَدُهُمَا ضُمَّ قِيمَةُ التَّالِفِ إِلَى القَائِمِ، وَلَو كَانَ تَعَيَّبَ فِي يَدِهِ ضُمَّ أَرْشُ العَيْبِ إِلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ آَبِقًا أَوْ مُكَاتَبَ أَوْ مَرْهُوناً أَوْ مُكْرى غُرِّمَ القِيْمَةَ، وَإذَا ارْتَفَعتِ المَوَانِعُ فَفِي رَدِّ العَيْنِ وَاسْتِردَادِ القِيمَة خِلاَفٌ.

قال الرَّافِعِيُّ: إذا انفسخ البيع بالتَّحَالُف أو فسخ، فعلى المشتري رد المبيع إن كان قائماً بحالة.

لما روي أنه -صلى الله عليه وسلم- قال: "إِذَا اخْتَلَفَ الْمُتَبَايِعَانِ تَحَالَفَا وَتَرَادَّا" (١) ويسلم له الولد والثّمرة والكسب والمَهْر، وإن كان تالفاً فعليه قيمته، سواء كانت أكثر من الثمن الذي يَدَّعيه البائع أو أقل، وفي القمية المعتبرة وجوه. وقال الإمام أقوال:


(١) قال الحافظ: رواه مالك بلاغاً عن ابن مسعود، ورواه أحمد والترمذي وابن ماجة بإسناد منقطع، والطبراني في الكبير مرفوعاً بلفظ البيعان إذا اختلفا في البيع ترادان، رواته ثقات، لكن اختلف في عبد الرحمن بن صالح وما أظنه حفظه فقد جزم الشافعي أن طرق هذا الحديث عن ابن مسعود ليس فيها شيء موصول.

<<  <  ج: ص:  >  >>