للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال الرَّافِعِيُّ: يشترط في المسلم فيه أن يكون دَيْناً؟ لأن لفظ السَّلَف والسَّلَم موضوع لِلدَّيْن (١)، ولو استعمل لفظ السَّلَم في العَيْن فقال: أسلمت إليك هذا الثوب في هذا العبد فليس ما جاء به سَلَما (٢)، وفي انعقاده بيعاً قولان:

أحدهما: ينعقد نظراً إلى المعنى.

وأظهرهما: لا؛ لاختلال اللَّفظ، ولو قال: بعت هذا بلا ثمن أو على أن لا ثمن لي عليك فقال: اشتريت وقبضه، هل يكون هبة؟ فيه مثل هذين القولين عن رواية القاضي. وهل يكون المقبوض مضموناً على القابض؟

فيه وجهان، ولو قال: بعت هذا ولم يتعرض للثمن أصلاً لم يكن ذلك تمليكاً والمقبوض مضمون، ومنهم من طرد فيه الوَجْهَيْن، ولو أسلم بلفظ الشِّرَاء فقال: اشتريت منك ثوباً أو طعاماً صفته كذا بهذه الدراهم، فقال: بعته منك انعقد؛ لأن كل سلم بيع، فإذا استعمل لفظ البيع فيه فقد استعمله في موضعه، بخلاف اسْتِعْمَال لفظ السَّلَم في البيع، إِذ لَيْس كل بيع بسَلم، وإذا انعقد فهو سَلَم اعتباراَ بالمعنى، أو بيع اعتباراً باللفظ، فيه وجهان:

الأصح على ما ذكره صاحب "التهذيب" وغيره: أن الاعتبار باللَّفظ، فعلى هذا لا يجب تسليم الدراهم في المجلس.

ويثبت فيه خيار الشَّرط، وهل يجوز الاعتياض عن الثوب؟

فيه قولان كما في الثمن.

ومنهم من قطع بالمنع؛ لأنه مَقْصُود الجِنْس كالمَبِيع، وفي الأثمان الغالب قصد المَالِيّة لا قصد الجِنْس.

وإن قلنا: الاعتبار بالمعنى (٣) وهو الصحيح عند ابن الصَّبَّاغ، فهو سَلَم حتى يجب


(١) واعلم أن شرط الماهية لا بد أن يكون مغايراً لها، لأن الشرط غير المشروط ولك جزء من أجزائها أيضاً لأن الجزء داخل في الماهية والشرط خارج عنها، وحينئذٍ فكيف يصح أن يجعل الدينية شرطاً في المسلم مع أنها داخلة في حقيقته، فإن قيل إنما تعرض لاشتراطه توطئة لذكر الأحكام المختصة به. قلنا: نعم يتعرض له ولكن لا يعبر بالشرط، وقد يعتذر عنه بأن الشرط يطلق في عرف الفقهاء لمعنى لابد منه.
(٢) لانتفاء الدينية.
(٣) هذه المسألة وقع فيها اضطراب للنووي والرافعي نبهت عليه في المهمات. وعلى أن الفتوى على ترجيح السلم اعتماداً على نص الشافعي وغيره. تنبيه: تقييد النووي هذه المسألة بالدراهم ليس بشرط بل لو كانت في الذمة كانت على الخلاف المتقدم أيضاً كما صرح به الرافعي. لكنا =

<<  <  ج: ص:  >  >>