للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالأَعْفَرِ وَالأَسْوَدِ وَالأَصْفَرِ وَالأَحْمَرِ وَالأَبْيَضِ وَهُوَ المَأْكُولُ وَالسَّبخ والبَطْحَاءِ فَإِنَّ كُلَّ ذَلِكَ تُرَابٌ، وَلاَ يَجُوز الزَّرْنيخُ (ح) وَالِجَصُّ (ح) وَالنُّورَةُ (ح) والمَعَادنُ إذْ لاَ يُسَمَّي تُرَابًا وَلاَ يَجْوزُ التُّرَابُ النَّجِسُ وَالمَشُوبُ بِالزَّعْفَرَانِ وَإِنْ كَانَ قَلِيلاً وَلاَ التُّرَابُ المُسْتَعْمَلُ عَلَى أَحَدِ الوَجْهَيْنِ، وَلاَ يَجُوزُ سُحَاقَةُ الخَزَفِ، وَفِي الطِّينِ المَشْوِيِّ المَأكُولِ تَرَدُّدٌ، وَيَجُوزُ بِالرَّمْلِ إِذَا كَانَ عَلَيْهِ غُبَارٌ.

قال الرافعي: جعل للتيمم سبعة أركان:

أحدها: نقل التراب إلى الوجه واليدين، وغرضه في هذا الفصل الكلام في التراب وما يعتبر فيه من الأوصاف، فأما الكلام في النقل وفي الوجه، واليدين، فهو مذكور فيما بعد من الأركان، وجملة ما اعتبره فيما يتيمم به أربعة أمور أن يكون ترابًا طاهراً خالصاً مطلقاً، أما كونه تراباً فلا بد منه، وبه قال أبو يوسف وأحمد؛ فلا يكفي ضرب اليد على حجر صَلْدٍ، لا غبار عليه، خلافاً لأبي حنيفة، ومحمد، حيث قالا: يجوز بكل ما هو من جنس الأرض، كالتراب، والرمل، والحجر، والزَّرْنيخِ، والكُحْلِ، ولا يشترط أن يكون على الحجر المضروب عليه غبار، ولمالك حيث قال: بمثل قولهما، وزاد يجوز بكل متصل بالأرض أيضاً، كالأشجار والزروع لنا قوله تعالى: {فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا} (١)، عن ابن عمر، وابن عباس (٢) -رضي الله عنهما-:"أي تراباً طاهراً" وعن حذيفة -رضي الله عنه- أن النَّبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "فُضِّلْنَا عَلَى النَّاسِ بِثَلاَثٍ، جعِلَتْ لَنَا الأَرْضُ مَسْجِدًا، وَجُعِلَ تُرَابُهَا طَهُوراً" (٣) عدل إلى ذكر التراب بعد ذكر الأرض، ولولا اخْتِصَاص الطَّهورية بالتراب لقال: جعلت لنا الأرض مسجداً وطهوراً، ثم اسم التراب لا يختص ببعض الألوان، والأنواع، ويدخل فيه الأصفر وهو ما لا يخلص بياضه، والأصفر والأسود، ومنه طِيْنُ الدّواة والأحمر، ومنه طين الأرْمني الذي يؤكل تَدَاوِياً، والأبيض ومنه الذي يؤكل سَفَهًا، ويقال: إنه الخراساني، وَالسَّبخ وهو الذي لا ينبت دون الذي يعلوه مِلْحٌ، فإن الملح ليس بتراب، والبَطْحَاءُ وهو التُّراب الليل في سيل الماء، وكل ذلك يقع عليه اسم التراب كما يقع اسم الماء على المِلْحِ،


(١) سورة النساء، الآية ٤٣.
(٢) قال الحافظ في التلخيص: لم أجدهما فأما تفسير ابن عمر: فلم أر عنه في ذلك شيئاً: وأما تفسير ابن عباس: فروى البيهقي من طريق قابوس ابن أبي ظبيان، عن أبيه عن ابن عباس قال: أطيب الصعيد حرث الأرض، ورواه ابن أبي حاتم في تفسيره بلفظ: أطيب الصعيد تراب الحرث، وأورده ابن مردويه في تفسيره من حديث ابن عباس، وليس مطابقاً لما ذكره الرافعي، بل قال ابن عبدا البر في "الاستذكار": إنه يدل على أن الصعيد يكون غير أرض الحرث. انظر التلخيص (١/ ١٤٨).
(٣) قال الحافظ: أخرجه مسلم (٥٢٢) من حديث أبي مالك الأشجعي عن ربعي بن حراش عن حذيفة بلفظ (فضلنا على الناس بثلاث، جعلت صفوفنا كصفوف الملائكة، وجعلت لنا الأرض مسجداً، وجعلت تربتها لنا طهوراً إذا لم نجد الماء، وذكر خصلة أخرى كذا لفظ مسلم، والخصلة التي أبهمها قد أخرجها أبو بكر بن أبي شيبة وهو شيخه في مسنده، ورواها ابن خزيمة. وابن حبان في صحيحيهما من هذا الوجه، وفيه وأعطيت هؤلاء الآيات من آخر سورة البقرة، من كنز تحت العرش، لم يعطه أحد قبلي ولا يعطى أحد بعدي، فهذه هي الخصلة التي لم يذكرها مسلم، ولم أره في شيء من طرق حديث حذيفة بلفظ: جعل ترابها، وإنما عند جميع من أخرجه: تربتها قلت: كذا في الأصل، وقد رواه أبو داود الطيالسي في مسنده عن أبي عوانة عن أبي مالك بلفظ: وترابها طهوراً، وكذا أخرجه أبو عوانة في صحيحة، والدارقطني من طريق سيد بن مسلمة عن أبي مالك والبيهقي من طريق عفان، وأبي كامل كلاهما عن أبي عوانة كذلك، وهذا اللفظ ثابت أيضاً من رواية علي، أخرجه أحمد والبيهقي، ولفظه عندهما: أعطيت ما لم يعط أحداً من الأنبياء، فقلنا ما هو يا رسول الله؟ قال: نصرت بالرعب، وأعطيت مفاتيح الأرض، وسميت أحمد، وجعل لي التراب طهوراً، وجعلت أمتي خير الأمم، وأصل حديث الباب في الصحيحين من حديث جابر. انظر التلخيص (١/ ١٤٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>