للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

حقه، وصاحبه يزعم أنه ملكه، ويشبه أن لا يكون فيه خِلاَفٌ محقق، بل له أن يرده وُيطالب بحقه، وله أن يأخذه بحقه، وإن كان تلفاً نظر إن كان قد تلف بتفريط منه فلك عليه الضَّمَان ولَهُ عليك حقه، وربما يقع في التقاص، وإن لم يكن منه تقصير فلا ضمان؛ لأنا إذا صَدَّقْنَاهُ في نفي الحوالة كانت يده يد وكالة، والوكيل أمين، وروى الإمام وَجْهاً آخر: أنه يضمن؛ لأن الأصل فيما يتلف في يَدِ الإنسان من ملك غيره الضَّمان، ولا يلزم من تصديقه في نفي الحوالة ليبقى حقه تصديقه في تثبيت الوكالة ليسقط عنه الضمان، وهذا كما أنه إذا اختلف المتبايعان في قدم العيب وحدوثه، وصدقنا البائع بيمينه السَّابقة والله أعلم.

وقوله في الكتاب في أول الفرع: (إذا جرى لفظ الحوالة) إلى قوله: (فقولان) يتضمن الصورتين جميعاً فعلى رأي يتبع فيهما ظاهر اللفظ، وعلى رأي يصدق من أخبر عن نيته وإرادته، إما في طرف الإيجاب أو القبول، ويجوز أن يعلم قوله: (فقولان) بالواو كما سبق عن القَاضِي حسين، وقد حكى في الصورة الثانية أيضاً القطع بمقتضى من تمسك بمطابقة اللفظ ثم قوله: (فقولان) أي للأصحاب، وليس للشافعي في المسألتين نص. وقوله في آخره: (أما إذا قال المستحق: وكلتني، فقال: لا، بل أحلتك فإن لم يكن قد قبض) فالقول قول المستحق، ثم في تفريعه أنه إن لم يكن قبض إلى آخره. ونختم الباب بصور وفروع:

منها: إذا أحلت زيداً على عَمْروٍ، ثم أحال عمرو زيداً على بَكْرٍ، ثم أحال بكر على آخر، جاز وقد تعدد المُحَالُ عليهم، وزيد المحتال واحد، ولو أحلت زيداً على عمرو، ثم أحال زَيْدٌ بَكراً على عمرو، جاز، والتعدد هاهنا في المحتالين وعمرو المُحَالُ عَلَيْهِ وَاحِد، ولو أحلت زيداً على عمرو، ثم ثبت لعمرو عليك مثل ذلك الدين فأحال زَيْداً عليك جاز. ومنها: لك على رجلين مِائَة على كل واحد خمسون، وكل واحد ضَامِن عن صاحبه فأحالك أحدهما بالمائة على إنسان برئا جميعاً، وإن أحلت على أحدهما بالمائة برئ الثَّانِي؛ لأن الحوالة كالقبض، وإن أحلت عليهما على أن يأخذ المحتال من كل واحدٍ خمسون جَاز، ويبرأ كل واحد مِمَّا ضَمِن، وإن أَحلْتَ عليهما على أن يأخذ المِائَة من أيهما شَاء، فعن ابْنِ سُرَيْجٍ فيه وجهان:

وَجْهُ المنع، أنه لم يكن له إلا مطالبة واحد، فلا يستفيد بالحوالة زيادة، كما لا يستفيد بها زيادة قدر وصفة.

ومنها: لك على رَجُلٍ دين، فلما طالبته به قال: قد أحلت فلاناً عَلَىَّ، وفلان غائب فأنكرت، فالقول قولُك مع يمينك، فلو أقام بينة سمعت وسقطت مطالبتك عنه، وهل تثبت الحوالة في حق الغائب حتى لا يحتاج إلى إقامة بينة إذا قَدِم؟ فيه وجهان.

<<  <  ج: ص:  >  >>