للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الدّخُولِ (١). ومنها: له على رَجُلَيْنِ عشرة، وضمن كل واحدِ منهما للآخر ما عليه، فلا شَكَّ أن رب الدين يطالبهما أو من شاء منهما بالعَشْرة، فإن أَدَّى أحدهما جميع العشرة برئا جميعاً، وللمؤدى الرجوع بالخمسة إن كان التَّصْوِير في حالة ثبوت الرّجُوع، وإن أَدَّى كل واحد منهما خمسة عَمَّا عليه فَلاَ رجوع، وإن أَدَّاها عن الآخر فَلِكُلِّ وَاحِدٍ الرجوع على الآخر، ويجيء خِلاَف التقاص، فإن أَدَّى أحدهما خَمْسة ولم يؤد الآخر شيئاً، فإن أَدَّاهَا عن نفسه برئ المؤدى عَمَا كَانَ عَلَيْهِ وصاحبه عن ضَمَانِهِ، وبقي على صَاحِبِهِ ما كان عَلَيْهِ والمؤدي ضَامِنٌ له، وإن أَدَّاها عن صَاحِبِهِ رَجَعَ عليه بالمَغْرُوم، وبقي عليه مَا كَانَ صاحِبُهُ ضامِناً له، وإن أَدَّاها عنهما فلكل نِصْف حكمه، وإن أَدَّى ولم يقصد شيئاً فيقسط عليهما، أو يقال: اصرفه إلى مَا شِئْت؟ فيه وجهان سبق نظيرهما في آخرِ الرَّهْنِ.

ومن فوائد الوجهين أن يكون بنصيب أحدهما رَهْن، فإذا قلنا له: صرفه إلى ما شاء، فصرفه إلى نصيبه انفك الرَّهْن، وإلاَّ لم ينفك، ولو اختلفا فقال المؤدى: أديت عَمَّا عليّ، وقال رَبُّ الدَّيْنِ: بل أديت عَمَّا عَلَى صَاحِبِكِ، فالقولُ قولُ المؤدي مَعَ يَمِينِهِ، فإذا حَلَفَ بَرِئَ عما كان عليه، لكن لِرَبِّ الدين مطالبته بخمسة؛ أنه إما صَادِقٌ فالأصل باق عليه، أو كاذب فالضمان بَاقٍ، وعن بعض الأصحاب: أنه لا مطالبة له، لأنه إما أن يطالب عن جِهَة الأصالة، وقد صَدَق الشرع المؤدى في البَرَاءة عنها أو عن جهة الضّمان، وقد اعترف رب الدين بأنه أدى عنها.

هذا حكم الأداء في المسألة، ولو أبرأ رَبّ الدين أحدهما عن جَمِيع العشرة، برئ أصلا وضماناً (٢) ويبرأ الآخر عن الضَّمان دون الأَصِيلِ، ولو أبرأ أحدهما عن خَمْسَةٍ، نظر إن أبرأه عن الأَصِيلِ برئ عنه، وبرئ صَاحِبُهُ عن ضَمَانِهِ، وبقي عليه ضَمَانُ مَا عَلَى صَاحِبِهِ، وإن أبرأه عن الضَّمَانِ برئ عنه وَبَقِيَ عَلَيْهِ الأَصْلُ، وبقي عَلَى صَاحِبِهِ الأَصْلُ والضَّمَان، وإن أبرأه عن الخَمْسَة عَنِ الجِهَتَيْنِ جميعاً سقط عنه نِصْفُ الأصل ونصف الضَّمان، وعن صاحبه نِصْف الضّمان وبقي عليه الأَصْل ونصف الضَّمان، فيطالبه بسبعةٍ وَنِصْف، ويطالب المبرأ عنه بخمسة، وإن لم ينو عند الإبراء شيئاً فيحمل على النصف أو يخير ليصرف إلى مَا شَاء؟ فيه الوجهان.

ولو قال المبرئ: أبرأت عن الضَّمان، وقال المبرأ عنه: بَلْ عن الأصل، فالقول قول المبرئ. ومنها: ادعى على رَجُلٍ أن له عليه وعلى فلان الغَائِب ألف درهم من


(١) قال النووي: الأصح الرجوع. ينظر الروضة ٣/ ٥٠٢.
(٢) في ط الأصيل والضامن.

<<  <  ج: ص:  >  >>