للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأشار مَنْ شَرَحَ كلامه إلى أن الفرق مبني على قبول التفسير بالخمر والخنزير، فإنه لا يتوجه بذلك مطالبته وحبسه.

الثانية: إذا فسر إقراره المبهم، بتفسير صحيح، وصدفه المقر له فذاك، وإلاَّ فليبين جنس الحق، وقدره، وَلْيَدَّعيه والقول قول المقر في نفية، ثم لا يخلو إِما أن يكون ما ادَّعَاه من جنس ما فَسَّره المقر، أو من غير جنسه، فإن كان من جنسه، كما إذا فسر إقرار بمائة درهم، وقال المقر له: لي عليه مائتان، فإن صدقه على إرادة المائة، فهي ثابتة بالاتفاق، ويحلف المقر على نفي الزيادة، ولو قال: أراد به المائتين حلف المقر على أنه ما أراد مائتين، وليس عليه إلاَّ مائة، ويجمع بينهما في يمين واحدة.

وعن ابن المرزبان أنه لا بد من يمينين والمشهور الأول، فلو نكل حلف المقر له على استحقاق المائتين، ولا يحلف على الإرادة؟ لأنه لا يطلع عليها، بخلاف ما إذا مات المقر، وفسر الوارث، فادعى المقر له زيادة، حيث يحلف الوارث على نفي إرادة المورَّث؛ لأنه قد يطلع من حال مورثه على ما لا يطلع عليه غيره قال صاحب "التهذيب": ومثله لو أوصى بمجمل، ومات، فبينه الوارث زعم الموصى له أنه أكثر يحلف الوارث على نفي العلم باستحقاق الزيادة، ولا يتعرض للإرادة.

والفرق أن الإقرار إخبار عن سابق، وقد يعرض فيه اطلاع، والوصية إنشاء أمر على الجهالة وبيانه: إذا مات الموصي إلى الوارث وأما إن كان ما ادعاه من غير جنس ما فسر به المقر، نظر إن صدقه في الإرادة، وقال هو ثابت لي عليه ولي عليه مع ذلك كذا ثبت المتفق عليه، والقول قول المقر في نفي غيره وإن صدقه في الإرادة وقال ليس لي عليه ما فسر به، إنما لي عليه كذا بطل حكم الإقرار برده، وكان مدعياً في غيره، وإن كذبه في دعوى الإرادة، وقال: إنما أراد ما ادعيته حلف المقر على نفي الإرادة، ونفي ما يدعيه، ثم إن كذبه في استحقاق المقر به بطل الإقرار فيه، وإلاَّ ثبت، ولو اقتصر المقر على نفي دعوى الإرادة، وقال: ما أردت بكلامك ما فسرته، وإنما أردت كذا، إما من جنس المقر به، أو من غيره لم يسمع منه ذلك؛ لأن الإقرار والإرادة لا يثبتان حقّاً له، الإقرار إخبار عن حق سابق، وعليه أن يدعي الحق لنفسه.

وقال الإمام: وفيه وجه ضعيف أنه تقبل دعوى الإرادة المجردة، وهو كالخلاف فيمن ادعى على خصمه أنه أقر بألف درهم، هل تسمع منه أم عليه أن يدعي بعين الألف؟

وقوله في الكتاب: "لم تقبل منه دعوى الإرادة، بل عليه أن يدعي نفس العشرة ربما يفهم منه أن دعوى الإرادة لا التفات إليها أصلاً، وليس كذلك، وإنما المراد أنها وحدها غير مسموعة، فإما إذا ضم إليها دعوى الاستحقاق، فيحلف ليقر على نفيهما

<<  <  ج: ص:  >  >>