للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَحدهما: وهو الذي ذكره العراقيون المنع، ووجهوه بأَنها أَخذت منه عوضاً للاستمتاع، وعوضاً للحبس، فلا تستحق شيئاً آخر، وهذا على ضعفه منقوض باستئجارها لسائر الأعمال.

وأصحهما: وهو المذكور في الكتاب الجواز، كما لو استأجرها بعد البينونة، وكما لو استأجرها للطبخ والكنس ونحوهما.

وعن أَبي حنيفة: أَنه لا يجوز استئجارها للطبخ، وما أَشبهه؛ لأَنه مستحق عليها في العادة، وعلى هذا الخلاف استئجار الوالد ولده للخدمة، وفي عكسه وجهان، إِذا كانت الإِجارة على عينه، كالوجهين فيما إِذا أَجر المسلم نفسه من كافر.

قال الغزالي: أَمَّا الحُصُولُ لِلمُسْتَأْجِرِ نَعْنِي بِهِ أَنَّ اسْتِئْجَارَهُ عَلَى الجِهَادِ (و) وَالعِبادَاتِ التِي لاَ تَجْرِي النِّيَابَةُ فِيهَا فَاسِدٌ إِذْ يَقَعُ لِلأَجِيِر، وأَمَّا الحَجُّ وَحَمْلُ الجَنَازَةَ وحَفْرُ القَبْرِ وَغَسْلُ المَيِّتِ فَيَجري فِيَها النِّيَابَةُ وَالإِجَارَةُ، ولِلإِمَامِ (و) اسْتَئْجَارُ أَهْلِ الذِّمَّةِ للِجِهَادِ إِذْ لاَ يَقَعُ لَهُمْ، وَالاسْتِئْجَارُ عَلَى الأَذَانِ جَائِزٌ للإِمَامِ، وَقِيَل: إِنَّهُ مَمْنُوَعٌ كَالجِهَادِ، وقِيلَ: إِنَّهُ يَجُوزُ لآحَادِ النَّاسِ لِيَحْصُلَ لِلمُسْتَأجِرِ فَائِدةُ مَعْرِفةِ الوِقْتِ، وَلاَ يَجُوزُ الاسْتِئْجَار عَلَى إِمَامةِ الصَّلَوَاتِ الفَرَاِئضِ، وَفي إِمَامَةِ التَّرَاوِيحِ خِلاَفٌ، وَالأَصَحُّ مَنِعُهُ، وَبِالجُملةِ فَكُلُّ مَنْفَعَةٍ مُتَقَوَّمَة مَعْلُومَةٍ مُبَاْحَةٍ يَلْحَقُ العَامِلَ فيِهَا كُلْفَةٌ وَيَتَطَوَّعُ بِهَا الغَيْرُ عَنِ الغَيْر يَصِحُّ إِيرّادُ العَقْدِ عَلَيْهَا.

قال الرافعي: الشرط الرابع حصول المنفعة للمستأجر، وإلاَّ اجتمع العوضان في ملك واحد، فإنه إذا قال: استأجرت دابتك لتركبها بعشرة، كانت المنفعة، والعشرة حاصلة له. وفي أكثر العناية في هذا الشرط نذكر حكم العبادات في الاستئجار، وضبطها إمام الحرمين، فقال: هي على نوعين:

أحدهما: الذي يتوقف الاعتداد بها على النية، فما لا تدخله النيابة منها لا يجوز الاستئجار عليه, لأن الاستئجار نيابة خاصة وما تدخله النيابة منها يجوز الاستئجار عليه كالحج وتفرقة الزكاة. وقال الإمام: ومن هذا القبيل غسل الميت إذا اعتبرنا فيه النية، كجريان النيابة فيه.

والنوع الثاني: لا يتوقف الاعتداد بها على النية، وهي تنقسم إلى فرض كفاية، وإلى شعار غير مفروض.

القسم الأَول: فرض الكفايات، وهو على ضربين.

أَحدهما: ما يختص إفراضه في الأَصل بشخص وموضع معين، ثم يؤمر به غيره

<<  <  ج: ص:  >  >>