للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صرَّح بالإرضاع والحضانة، وإذا لم نوجبْه عليه، فلَوْ أنَّه شُرِطَ علَيْه، فسَد العقْدُ إِنْ لم يكنْ معلوماً، وإن كان معلوماً، ففيه طريقَانِ:

أحدُهُما: وبه قال ابْنُ القاصِّ: يصحُّ العقد؛ لأن المقصود فِعْل الكتابة، والحبر تابع كاللبن.

والثاني: أنه شراءٌ واستئجار، وليْسَ الحِبْرُ كاللبن؛ لإمْكان إفراده بالشراء.

وعلَى هذا، فيُنْظر؛ إن قال: اشتريْتُ منْك هذا الحِبْرَ على أن تكتب به كذا، فهو كلما لو اشترَى الزَّرْع بشرط أن يحْصُدَه البائع.

ولو قال: اشْتريْتُ هذا الحِبْر، واستأجرتُكَ؛ لتكتب به كذا بعَشَرةٍ، فهو كما لو قال: اشتريْتُ الزرع، واستأجرتُكَ لتحصُدَه بعشَرَة.

ولو قال: اشتريتُ الحِبْرَ بدرهم، واستأجرتُكَ لتكتب به بعَشَرة، فهو كلما لو قال: اشتريتُ الزَّرْع بعَشَرة، واستأجرتُكَ لتحصده بدرهم، وحكم الصور (١) مذكورٌ في البَيْع.

وإذا استأجر الخيَّاط، والصباغ، وملَقِّح النَّخْل، والكحَّال، فالقول في الخيْط، والصبْغ، وطلْع النخل، والذرور (٢) كما ذكرنا في الحِبْر، هذا هو المَشْهور.

وفَرَق الإمام وشيْخُه بين الخيط وبين الحِبْر والصبغ قاطعاً بأنَّ الخَيْطَ لا يجبَ على الخَيَّاط، وعَلَى ذلك جَرَى صاحب الكتابِ، وأوْرَد في الحِبْر والصبغ الطريقَ الثَّانِي والثالِثَ من الطرق الثلاثة التي أورَدْنَاها.

قوله: فقَدْ قِيلَ: إنَّه كاللَّبَن في حقِّ الحاضنة والثاني قولُه: "وقِيلَ كالخيْط" وكان سَببُ الفرق بين الخيط وبينهما أن العادة الغالبةَ في الخيط خلافُ العادَة الغالبة فيهما.

قَالَ الغَزَالِيُّ: أَمَّا الدُّوْرُ فَعِمَارَةُ الدَّارِ بإقَامَةِ مَائِلٍ، أَوْ إِصْلاَحِ مُنْكَسِرٍ عَلَى المُكْرِي، وَإِنِ احْتَاجَ إِلَى تَجْدِيدِ بِنَاءٍ أَوْ جِذْعٍ فَإنْ فَعَلَ اسْتَمرَّتِ الإِجَارَةُ، وَإِنْ أَبَي فَلِلْمُكْتَرِي الخِيَارُ، فَإنْ أَرَادَ إِجْبَارَهُ عَلَى الْعِمَارَةِ لَمْ يَجُزْ عَلَى الأَظْهَرِ، وَكَذَا إِذَا غَضَبَ الدَّارَ لَمْ يَلْزَمْهُ الانْتِزَاعُ وَإِنْ قَدَرَ وَلَكِنْ لِلْمُكْتَرِي الْخِيَارُ، وَيَجبُ عَلَى المُكْرِي تَسلِيْمُ المُفْتَاحِ، فَإِنْ ضَاعَ في يَدِ المُكْتَرِي فَهُوَ أَمَانَةٌ، وَلَيْسَ عَلَى المُكْرِي إِبْدَالُهُ، وَلَوْ أَجَّرَ دَاراً لَيْسَ لَهَا بَابٌ وَمِيزَابٌ فَلَيْسَ عَلَيْهِ تَجْدِيدُهُ، فَإِنْ جَهِلَهُ المُكْتَرِي فَلَهُ الخِيَارُ.

قَالَ الرافِعِيُّ: النَّوْع الثَّانِي: استئْجَار العقار، وهو ينْقَسِم إلَى: مبنىَّ؛ كالدَّار


(١) في ز: ذلك.
(٢) ما يذرُّ في العين وعلى الجُرح من دواءٍ يابس، وعلى الطعام من ملح مسحوق وجمعه أذِرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>