للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولْيُعْلَمْ قوله: "أمانة" بالميم وقوله: "على الأصح" بالواو، للطريقة القاطعة.

وقوله: "يد ضمان" بالألف نحو إعلامُ القولَيْن [الأولَيْن] بالحاء؛ لأنه مذهبه الفرق بين المشترك، والمنفرد كالثَّالث.

والحالة الثانية (١): إذا لم يكنِ الأجيرُ منفرداً باليَدِ، كما إذا قَعد المستأْجِر عنده حتى يَعْمَل، أو حمله إلى بيته، ليَعْمَل، قطع الجمهور بأنه لا ضمان علَيْه؛ لأَن المَالَ غيرُ مُسَلَّم إلَيْه في الحقيقة، وإنما استعان المالِكُ به في شُغُله، كما يستعين بالوكيل والتِّلْمِيذ. ونقل عن ابن كج عن أبي سعيد الإصْطَخْرِيِّ وأبي عليٍّ الطَّبريِّ طرد القولَيْن فيه، وحيث قلْنا بوجُوب الضمان على الأجير، فالواجبُ أقصى قيمة من يوْم القبْض إلى التلف، أو قيمة يوم التلف؟ فيه وجهان (٢)، واحتجَّ المُزَنِيُّ للقول الأصحِّ بأنَّهُ لا ضمانَ على الحجَّام إذا حجم، أو ختن ولا على البَيْطَار، إذا نزع، فأقضى إلى التَّلَف، وبأن الراعي المنفرد لا ضمان علَيْه، وبأنَّ من أكراه؛ ليحفظ متاعه في دُكَّانه لا ضمان [عليه] (٣).

قال الأصحاب رحمهم الله: المحْجُوم إما حُرٌّ، فلا تثبت اليد عليه، أو عبْدٌ فينظر في انفراده باليَدِ وعدمِ الانفرادِ، وبتقدير الانفراد في كونه مشتركاً، أو منْفَرِداً، فالحكْمُ في الأحوال كما سَبَق من غَيْره، فلا احتجاج، وكذا القول في الراعي (٤).

وأمَّا المسألةُ الثالثةُ: فالمال فيها في يد المالك؛ لكن الأجير في دكانه على ما تقرَّر، هذا كلُّه فيما إذا لم يوجدْ من الأجير تعدٍّ، فإن وُجِدَ، وجب الضمان لا محالةَ


(١) في ب: الثالثة.
(٢) قال النووي: أصحهما الثاني.
(٣) سقط في: ز.
(٤) قال الماوردي في الحاوي: فأما المزني فإنه اختار سقوط الضمان وهو أصح القولين غير أنه تعلق بما لا حجة فيه وسنوضح من حكم ما احتج به ما يدل على فساد حجته فأول ما ذكره الحجام يحجم أو يختن فإن ظهرت منه جناية عن عمد أو خطأ فهو ضامن لما حدث بجنايته وإن لم تظهر منه جناية فإن حجم أو ختن حراً فلا ضمان عليه. سواء كان الحجام منفرداً أو مشتركاً لأن الحر في يد نفسه وليست عليه يد فصار المنفرد والمشترك معه على سواء وإن حجم عبداً فإن كان مع سيده أو في منزل سيده فلا ضمان على الحجام لأن يد سيده لم تزل عنه فلم يضمن إلا بالجناية وإن لم يكن مع سيده ولا منزله ففي وجوب الضمان قولان لأن الحجام أجير مشترك.
وأما الراعي فإن نسب إلى التعدي بالرعي في مكان مسبع أو جدب أو مخوف فعليه الضمان وإن لم ينسب إلى التعدي نظر فإن رعي في ملك المالك فهو منفرد ولا ضمان عليه وإن رعي في غير ماله لكن كان المالك معه فكذلك لا ضمان عليه وإن لم يكن معه المالك ولا رعي في ملك المالك نظر فإن كان مع غنم جماعة فهو مشترك وفي ضمانه قولان وإن لم يكن معه سوى غنمه فعلى اختلاف أصحابنا ينظر: الحاوي ٧/ ٤٢٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>