للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جارية، وذلك بما ينافيه الحكْم بانقطاعه، وأيضاً، فإنَّه صرف ماله إلى جهة قربة، فلا يَعُودُ ملكاً؛ كما لو نَذَر هَدْياً إلى "مكَّة" فلم يقبله فقراؤها. وقوله في الكتاب: "فقَوْلاَن في أنَّه، هَلْ يعودُ مِلْكاً إلى الوَاقِف أو إلى ورثته" أراد ويبقى وقْفاً ذكر أحد القَوْلَيْن وترك الآخر. التفْرِيعُ: إنْ قلْنا: إنَّه يبقى وقْفاً، ففي مصرفه أوجُهٌ، وقال: أقوال: قال الإمامُ: ولعلَّها من تخريجات ابْنِ سُرَيْج.

أصحُّها: وهو المنصوصُ في "المختصر": أنَّه يُصْرَفُ إِلَى أقْرب النَّاس إلى الواقف يَوْمَ الانقراض المذكور (١)؛ لأنَّ الصدقةَ على الأقارب أَفْضَلُ؛ لِمَا فيه من صِلَةِ الرَّحم، فكان الصَّرْف إليهم أوْلَى.

والثاني: أنَّهُ يُصْرَفُ إلى المساكين؛ لأنَّ سَدَّ الخَلاَّتِ (٢) أهمُّ الخيرات.

والثالثُ: أنَّهُ يُصْرَف إلى المصالحِ العامَّةِ مصارفِ خُمُسِ الخُمسِ، فإنها أعمُّ الخيراتِ، والأعمُّ أهَمُّ.

والرابعُ: أنَّهُ يصرف إلى مستحقِّ الزكاة، حكاه في "شرح مختصر" الجوينيِّ وقوله في الكتاب "فيصرف إلَى أهمِّ الخيراتِ" ليس هذا وجْهاً برأْسِه مضموماً إلى ما بعده، بلِ المرادُ أنَّا إذا لم نَجِدْ بُدّاً من إبقاء الوقْف، وجب إبقاؤه في أهمِّ المصارف.

واختَلَفَ الرَّأْيُ في أَنَّ الأهم ماذا؟

التفريعُ: إنْ قلْنا: إنَّهُ يُصْرَفُ إلَى أقرب النَّاس إلى الواقف، فالنظر إلى قربِ الرحمِ أو استحقاقِ الإرْث؟ فيه وجهان:

أصحُّهُمَا: الأوَّل حتَّى يتقدَّم ابْنُ البنْت على ابْنِ العم؛ لأنَّ المرعى صلةُ الرَّحِم، وإذا الجامع جماعةٌ، فالقول في الأقرب عَلَى ما سيأتي في الوصيَّة للأقرب -إن شاء الله تعالى- وهل يختص الفقراء بالصَّرْف إليهم، أو يشتركُ فيه الفقراء والأغنياءُ، قال في "حرملة": يختصُّ، وأطلق في "المختصر" الصرف إلى الأقرب، فجعلوهما على قولَيْن:

أحدهما: أنّهُ لا اختِصَاصَ؛ لأنَّ الوَقْفَ لا يختصُّ بالفقراء، ولهذا لو وَقَفَ على


(١) لأن الصدقة على الأقارب من أفضل القربات. فإن قيل الزكاة وسائر المصارف الواجبة عليه شرعاً لا يتعين صرفها ولا الصرف منها إلى الأقارب، فهلا كان الوقف كذلك؟
أجيب بأن الأقارب مما حث الشارع عليهم في تحبيس الوقف لقوله -صلى الله عليه وسلم- لأبي طلحة "أرى أن تجعلها في الأقربين" فجعلها في أقاربه وبني عمه.
وأيضاً الزكاة ونحوها من المصارف الواجبة لها مصرف معين فلم تتعين الأقارب، وهنا ليس معنا مصرف متعين، والصرف إلى الأقارب أفضل فعيناه.
(٢) في ز: الحاجات.

<<  <  ج: ص:  >  >>