للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولو وقَفَ عَلَى أولادِهِ وأولادِ أولادِهِ، دخل فيه أولادُ البَنِينَ والبَنَاتِ، خلافاً لمالك وأحمد في أولاد البنات.

فإن قال عَلَى من يُنْتَسَبُ إِلَيَّ مِنْ أولاد أولادِي، خرج أولاد البناتِ، وحكَى القاضي ابْنُ كجٍّ وجْهاً آخَرَ؛ أنَّهُمْ يدخلون؛ لِمَا مَرَّ من حديث الحسن -رضي الله عنه-. ومنها: لو قال: وقَفْتُ على ذرِّيَّتي أو عَقِبِي أو نَسْلِي، دخل فيه أولادُ البنينَ والبناتِ قريبُهمْ وبعيدهمْ.

وعن مَالِكٍ وأحْمَدَ: أنَّ أولادَ البناتِ لا يدْخُلُون.

لنا قولُه تعالَى: {وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ} [الأنعام: ٨٤] إلى أن ذكرِ عيسَى، وليس هو إلاَّ ولد البنْتِ، وإذا حَدَثَ حمْلٌ، قال في "التتمة": يوقَفُ نصيبه؛ لأنَّهُ من نسْلِه وعَقِبِهِ لا محالَةَ.

ومنها: اسمُ المولَى يقع علَى المُعْتِقِ، ويقال: له المولَى الأَعْلَى، وعلى المُعْتَقِ ويقال له: المَوْلَى الأسْفَلُ، وإذا وقف علَى مواليه، وليس له إلا أحدهما فالوقف علَيْه، وإن وجدا جميعاً، ففيه أوجه:

أحَدُهُمَا: ويُحْكَى عن أبي حنيفةَ واختيار ابنِ القَطَّان: أنَّه يصحُّ، ويقسم بينهما؛ لتناولِ الاسم لهما، وذكر في "التتمة" أنَّ هذا أَصَحُّ.

والثاني: أنَّه يَبطُل الوقْفُ؛ لما في المَصْرَف من الإبهام والإجْمَال، وامْتناع حمل اللفْظِ الواحِدِ علَى المعنَيَيْنِ المختلفَيْنِ، وهذا أرجَحُ عند صاحبِ الكتابِ.

والثالث: أنَّهُ للمُعْتِقِ؛ لأنَّهُ أنْعَمَ عَليه بالإعْتَاق، فهو أحقُّ بالمكافأة.

والرابع: حكاه المتولِّي: أنَّه للمعتق لاِطراد العادَة بإحْسَان السادة إلى العتقاء، ومِنْ أخواتها أنَّه لو وقَفَ عَلَى عِتْرته، فعَنِ ابْنِ الأعرابيِّ وثعلب أنهم ذرِّيَّته، وعن القتيبي أنهم عشيرتُه، ففيه وجهان للأصْحَاب:

أظهرْهُمَا: الثاني، وقد رُوِيَ ذلك عن زَيدِ بْنِ أَرْقَمَ -رضي الله عنه (١) - ولو قال: عَلَى عشيرَتِي، فهو كما لو قال: قَرَابَتِي، وإذا قال: عَلَى قرابتي أو أقْرَبِ النَّاسِ إِلَيَّ، فعلى ما سَيَأْتي في الوصيَّة إنَّ شاء الله.


(١) قال النووي: هذان المذهبان، مشهوران لأهل اللغة، غير مختصين بالمذكورين، لكن أكثر من جعلهم عشيرته، خصهم بالأقربين. قال الأزهري: قال بعض أهل اللغة: عترته: عشيرته الأدنون. وقال الجوهري: عترته: نسله ورهطه الأدنون. وقال الزبيري: عترته: أقرباؤه من ولد وغيره، ومقتض هذه الأقوال أنه يدخل ذريته عشيرته الأدنون، وهذا هو الظاهر المختار.

<<  <  ج: ص:  >  >>