للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الصَّحارى، أو في العُمْرَانِ، كما سيأتي فيما لا يمتنعُ من صِغارِ السِّبَاعِ، ذكره صَاحِبُ "التتمةِ" وغَيْرُهُ.

النَّوعُ الثَّاني: ما لا يمتنعُ من صِغَارِ السِّبَاعِ، كالكسير والغَنَمِ والعَجَاجِيل والفصْلاَن، فيجوزُ أخْذُهَا لِلتَّملُّكِ، سواءٌ وُجِدَتْ في المَفَازة، أو العُمْرَانِ؛ لأنها لو لم تُؤْخَذْ لضَاعَتَ بتناوُشِ السِّبَاعِ أو باحتيال بَعْض الخائِنِينَ، كما قال -صلى الله عليه وسلم-: "هِيَ لَكَ أوْ لأَخِيكَ أَوْ لِلذِّئْبِ" (١) وعن صاحبِ "التَّقْريبِ" وجْهٌ: أنَّ ما يُوجَدَ منْها في العُمْرَانِ لا يؤْخذ؛ لأنَّ الحيوَانَ لا يَكادُ يَضِيعُ، والمَذْهَبُ الأوَّلُ، ثم إنْ وُجِدَ شيئاً منها في المفازة فهُوَ بالخيارِ بَيْن أنْ يُمْسِكَها وُيعَرِّفها ويتملَّكَهَا، وبَيْن أن يَبيعَهَا، ويحفظَ ثَمَنَها، وُيعرَّفها، ثم يَتَمَّلكَ ثمنها، وبيْنَ أن يَأْكُلَهَا، إنْ كانتْ مأكولةً، وَيغْرمَ قيمتها. وعن مالكٍ -رحمه الله- أنَّ لَهُ أَكْلَهَا مَجَّانًا. ثم الحصَّةُ الأُوْلَى أَوْلى من الثَّانِيَةِ، والثانية أَوْلَى من الثالثةِ، وإن وَجَدَهَا في العُمْرانِ، فلَهُ الإمْسَاكُ والتَّعْريفُ والتملُّك، وله البيعُ والتَّعريفُ، وَتَمَلُّكُ الثَّمَنِ، وفي الأَكْل قولان:

أحدُهمَا: الجوازُ، وبه قال الشَّيْخُ أبو حَامِدٍ، كَمَا في الصَّحْرَاءِ.

[وأصحُّهُمَا عند الأكْثَرِينَ: المَنْعُ؛ لأنَّ البَيْعَ في العُمْرَانِ سَهْلٌ وفِي الصَّحْراء] (٢) قد لا يَجِدُ مَنْ يَشْتَرِيْهَا، وَيشُقُّ نَقْلُهَا إلى العُمْرَانِ، هَذَا إذَا كَانَتْ مأكولةً، وأمَّا الجَحْشُ، وصَغَارُ مَا لا يُؤْكَلُ فحُكْمُهَا في الإمْسَاكِ والبَيْعِ حُكْمُ المأْكُولِ، وهَلْ يجوزُ تملّكُهَا فِي الحال؟ فيه وجهان:

أحدُهُمَا: نعم يجوز كما يجوزُ أَكْلُ المأْكُولِ، ولو لَمْ يجز ذلك، لأَعْرَضَ عنها الواجدون ولضاعت.

وأصحُّهُمَا: أنَّهُ لا يجوزُ تملّكُهَا حتى تُعرَّفَ سَنَةً عَلَى ما هُوَ دَأْبُ اللُّقَطَةِ، وإنَّما جاز أَكْلُ الشَّاةِ؛ للحَدِيثِ. ثم في الخِصَالِ الثلاثُ مسائلُ:

إحداها: إذا أمْسَكَها وتَبَرَّعَ بالإنْفَاق عليها، فذاك، وان أراد الرُّجُوعَ، فلينفقْ بإذْنِ الحاكم (٣)، فإن لم يجدِ الحاكمَ، أشْهَدَ كما ذكرنا في نَظَائره.


(١) تقدم.
(٢) سقط في: ب.
(٣) والإنفاق شرط، وهو أن ينفق عليها قدر ما لا يأتي على الثمن، فإن كان يأتي عليه. قال الشَّافعي: باعها وعرف الثمن، وفيه وجه اخترناه ليس عليه التعريف كما ليس عليه في الشاة. قاله ابن كج في التجريد، وهذا قال أبو القاسم بن القفَّال في التقريب. قال الشَّافعي في كتاب اللقطة الكبير: ولا يكون للسلطان أن يأذن له أن ينفق عليها إلا اليوم واليومين وما أشبه ذلك مما لا يقع من عينها موقعاً إذا جاوز ذلك أمره ببيعها.

<<  <  ج: ص:  >  >>