للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أصحُّهُما: أنَّها لا تجعل له؛ كما لو كانَتْ بعيدةً عَنْه.

والثانِي: تُجْعَلُ له؛ لأنَّ مِثْل هَذا يثبت اليد، والاختصاصَ في حقِّ البالغ؛ ألا ترى أنَّ الأمتعة الموضُوعَة في السُّوقِ بقُرْب الشَّخْصِ يُجْعَلُ له والمالُ المدفونُ تحته يُجْعَلُ له (١)؛ لأنَّه لا يقصد بالدَّفْنِ الضمَّ إلى الطفل بخلاف ما يُلَفُّ عَلَيْه، ويوضَعُ بالقُرْب منْه، لكنْ، لو وُجِدَتْ معه أو في ثيابهِ رقعةٌ فيها أن تحته دفيناً وأنه له، ففيه وجهان، حكاهما الإمامُ:

أظْهَرُهُمَا عند صاحب الكتاب: أنَّه له بقرينة الرُّقْعةُ، وقد يتفق في العُرْفِ مثلُهُ.

والثاني: أنّا نجري على القياس، ولا نُبَالي بالرُّقْعَة، وهذا ما يوافِقُ كلام أكْثَرِهِمْ (٢).

قال الإمامُ: ومَن عَوَّل على الرقعة، فلَيْتَ شِعْرِي؛ ما يقولُ فيما إذا أرشدتِ الرقعةُ إلَى دفينٍ بالبُعْد أو دابَّة مربوطةٍ بالبعْدِ (٣).

لو كانَتِ الدَّابَّةُ مشدودةً باللَّقِيط [وعليها راكب].

قال القاضي ابنُ كج: هي بينهما، وما سِوَى الدَّفين من هذه الأموال، إن لم يجعل لِلَّقِيطِ، فهو لُقَطَةٌ، والدفين قد يكونُ رِكَازاً، وقد يكونُ لُقْطَةً، على ما تقدَّم، هذا إذا عُرِفَ له مالٌ، فإنَّ لم يُعْرَف، فقولان:

أصحُّهما، وهو المذْكُور في الكتاب: أنَّه ينفقُ الإمام عليْهِ من بيْتِ المالِ منْ سَهْم المصالح؛ لما رُوِيَ عن عُمَر -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- أنَّه استَشَار الصَّحابةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ- في نَفَقةِ اللَّقيطِ، فَقَالُوا: من بيتِ المالِ (٤)، ولأَنَّ البالغَ المعتبر يُنْفِقُ علَيْه من بَيْتِ المالِ، فاللَّقيطُ الْعَاجِزُ أَوْلَى.


(١) وجزم به الدارمي في الاستذكار ووجهه ابن الرفعة بأنا لو رأينا مع البالغ رقعة مثل ذلك لم يحكم له بذلك في حق الصغير, وقد يقال: إن البالغة لو ادعاه ينبغي تصديقه ولا أثر للرقعة بخلاف الصبي.
(٢) قال النووي: مقتضاه أن يجعله للقيط، فإن الاعتماد إنما هو على الرقعة، لا على كونه تحته. والله أعلم.
(٣) وبه جزم في الذخائر فقال بعد حكايته وجه العمل بالرقعة: ويلزم على هذا طرده في الدفين، وإن بعد والدابة المربوطة على بعد أيضاً.
وقال الإمام: إن الدفين مطلقًا بمثابة الشيء البعيد عن اللقيط.
(٤) أورده الماوردي في الحاوي والشيرازي في المهذب، ولم يقف له على أصل، وإنما يعرف من قصة أبي جميلة: أن عمر قال: وعلينا نفقته من بيت المال، لكن لم ينقل أن أحدًا من الصحابة أنكر عليه. قاله في التلخيص.

<<  <  ج: ص:  >  >>